ورقة بحثية بعنوان
الازمة السوريا وداعش
إعداد الباحثة
لينا فضل ابو القمبز
إشراف
د. إبراهيم محمود حبيب
قدمت هذا الورقة البحثية ضمن مساق دراسات اقليمية ودولية
غـــزة
1438 هـ - 2017م
مقدمة
برز تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المتعارف عليه إعلامياً باسم (داعش) كقوة فاعلة في المسرح الدولي منذ سيطرته على محافظتي الموصل ونينوى، واقترابه من أطراف بغداد؛ ثم إعلانه الخلافة الإسلامية بتاريخ 2014/06/29م.
http://www.bbc.com/news/world-middle-east-27838034
ويعتبر أبو مصعب الزرقاوي النواة الأولى للتنظيم؛ إذ بدأت القصة منذ عودة الزرقاوي إلى أفغانستان عام 2000م، مستفيداً من العفو الملكي الذي أصدره عبد الله الثاني ملك الأردن بعد توليه الحكم (1).
ومع غزو العراق عام 2004م من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لجأ الزرقاوي إلى المناطق السنية، وعمل تحت إمرة الدكتور محمد المنصور قائد فصيل جيش المجاهدين؛ إلا أنه كانت لديه سريته المستقلة تحت اسم التوحيد والجهاد (1). حيث تعود جذور تنظيم الدولة إلى جماعة التوحيد والجهاد التي أسسها الزرقاوي في العراق. وفي عام 2006 أعلن الزرقاوي مبايعته زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن ليصبح تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. كما أعلن في العام ذاته تشكيل مجلس شورى المجاهدين بزعامة عبد الله رشيد البغدادي، لكن الزرقاوي قتل بغارة أميركية في أواسط العام ذاته فجرى انتخاب أبو حمزة المهاجر زعيماً للتنظيم، وتم أيضا تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبو عمر البغدادي (2).
وفي عام 2010م قتلت القوات الأميركية والعراقية أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر. وبعد عشرة أيام، انعقد مجلس شورى الدولة ليختار أبو بكر البغدادي خليفة له (2).
الأسباب والأبعاد المختلفة
السبب البيئي
لم يلتفت أحد إلى هذا السبب مع أنه حاسم على الأقل عند بداية المشكلة. فخلال العقد الممتد من العام 2000 إلى العام 2010 ، تعرضت سوريا لموجة جفاف قاسية، خصوصاً في شرق البلاد (الحسكة، دير الزور، الرقة، والمنطقة الشرقية من محافظة حمص). كانت النتائج كارثية على مستوى الزراعة، وعلى مستوى السكان الذين يعيشون من العمل في الأرض. وعلى هذا، كانت سوريا مجبرة على استيراد الكثير من المؤن الغذائية لمواجهة هذه الأزمة. وقد هاجر الكثيرون هرباً من الأزمة وأملاً بالعثور على عمل في المدينة. وكانت هذه الهجرة من الريف عنصراً مفجراً للتوترات الداخلية. وقد عمد الرئيس بشار الأسد إلى اعتماد إصلاحات اقتصادية بهدف نزع فتيل الأزمة. ولكن النتائج لم تكن مضمونة في وقت أصبحت فيه التحركات الاحتجاجية أكثر انتظاماً في المدن السورية الكبرى.
الأسباب الاجتماعية
يبلغ عدد سكان سوريا 22 مليون نسمة، تسعون بالمئة منهم مسلمون وعشرة بالمئة مسيحيون. 17 بالمئة من المسلمين هم علويون ما زالوا يسيطرون على القسم الأكبر من الهيئات الحكومية رغم عملية الدمقرطة التي دخلت فيها البلاد خلال الفترة الأولى من عهد الرئيس السوري.
لذا، فإن الأغلبية المحكومة ترغب في الحصول على تمثيل أفضل داخل الحكومة السورية. وللتوصل إلى صيغة توافقية، اقترح الرئيس الأسد عدداً من الالتزامات بهدف تهدئة المتظاهرين، ولكن هؤلاء اعتبروا هذه التعهدات غير كافية. وبدفع من "الربيع العربي" الذي لم يكن ربيعاً على الإطلاق، شعر المتظاهرون بأن الظروف مؤاتية وأنهم يتمتعون بالقدرة على التأثير من خلال الشبكات الاجتماعية وتظاهرات الشوارع. ثم اصبح الوضع أكثرتشنجاً مع تصاعد الانتقادات الموجهة إلى النظام. ومن هذا الوضع غير المستقر، استفادت القوى الخارجية وبدأت بالتدخل منذ بداية هذا الصراع الدامي وذي التداعيات الكارثية على الاستقرار في المنطقة.
أسباب جيوسياسية
وسواء شئنا أم أبينا، فإن بشار الأسد غير محبوب في المنطقة. فهو عدو لدود لإسرائيل ولم يتوقف عن تقديم الدعم المالي إلى حماس، وفوق ذلك ساند حزب الله خلال [وقبل] التدخل الإسرائيلي في لبنان عام 2006. وقد سعت الحكومة الصهيونية لاختيار معسكرها منذ بداية الصراع في سوريا. والواقع أن كثيراً من "المتمردين" المنتمين إلى جبهة النصرة قد عولجوا من قبل الجيش الإسرائيلي وفي المستشفيات الإسرائيلية.
كما ارتفعت حدة العدائية بين سوريا وبلدان الخليج، حيث خافت ممالك النفط من النفوذ الإيراني في المنطقة. وهكذا، عمد الخليجيون إلى تقديم الدعم المالي إلى المتمردين السنة خلال الفترة الأولى من الصراع.
الاسباب الخفية للصراع في سوريا
أما الغربيون التابعون للولايات المتدة والمعتادون على الخطاب المزدوج، فقد ضغطوا على بشار الأسد للقيام بالمزيد من الإصلاحات. وفي الوقت نفسه، قدموا المساعدة إلى المتمردين (لوران فابيوس وقوله بأن "جبهة النصرة تقوم بعمل جيد".
البلدان الوحيدة التي تقيم علاقات جيدة مع النظام السوري هي بالطبع إيران التي تسعى إلى إقامة هلال شيعي يمتد من طهران إلى البحر المتوسط، وحزب الله الذي يرسل المقاتلين إلى الجبهة السورية بهدف منع تقدم داعش نحو لبنان. ولا ننسى روسيا، الصديق القديم لآل الأسد منذ الحقبة السوفياتية. ثم إن روسيا تعتبر وصولها إلى مرفأ طرطوس والقاعدة الجوية في اللاذقية من الأمور ذات القيمة الرمزية. لكن الرهانات أكبر بكثير حيث أن الصراع في سوريا هو، بالنسبة لروسيا، وسيلة لتذكير العالم كله بأنها قد عادت بقوة إلى المسرح الدولي. والواقع أن المحور الروسي-الإيراني يقف بشكل متكافئ في وجه المحور الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة. وهنا، تختلف المصالح رغم المفاوضات التي تظل بلا نهاية لأنها تشكل ستاراً لحق التدخل.
أسباب اقتصادية
عندما نعرف قيمة المصالح الاقتصادية في صراع معين، لا يمكننا أن نمر على هذا الصراع دون التوقف أمام تلك المصالح. فالمال هو عصب الحرب، وهذا القول المأثور المتوارث منذ بداية العالم ما زال يحتفظ بكل معناه. ففي العام 2010، اقترحت ممالك النفط على سوريا إقامة خط للأنابيب يمتد من الإمارات والسعودية عبر الأراضي السورية وصولاً إلى تركيا بغية تزويد أوروبا بالغاز. إنه مشروع مربح إلى حد كبير لكنه لا يأخذ بعين الاعتبار اقتراحاً إيرانيا مضراً بعملاء السعودية. فإيران تريد هي أيضاً بناء خط للأنابيب يصل عبر سوريا إلى السوق الأوروبية دون المرور بتركيا. وقد وافقت دمشق على المشروع الإيراني عام 2011، وقد ترافق ذلك مع بدء الصراع في سوريا (هل كان الأمر مجرد مصادفة ؟).
وبذلك، ذهبت من أيدي الخليجيين وتركيا أرباح ضخمة، فتحالفوا جميعاً ضد دمشق، وكثفوا دعمهم للمتمردين عبر مساندتهم عسكرياً ومالياً. وقد استفادت تركيا من حالة عدم الاستقرار المزمنة فعززت حربها ضد الأكراد الذين كانوا قد أصبحوا أكثر ميلاً للمقاومة.
أسباب الأزمة السورية يكتنفها الغموض، كما أنها مجهولة في الغالب من الرأي العام الذي يقتنع بسهولة بعمليات الشيطنة السياسية والإعلامية. فالواقع أن وسائل الإعلام التي تعمل في خدمة السياسات العدوانية تعمد باستمرار إلى الافتراء على النظام السوري وحلفائه. لذا علينا ألا نسقط في فخ القراءة الطائفية للصراع لأن أهل السنة في سوريا لم يثوروا كلهم على السلطة الحاكمة ولم ينضموا إلى صفوف داعش، بل إن الذين فعلوا ذلك هم أقلية نشطة يتم تحريكها من الخارج.
سوريا أصبحت شاحبة في هذه الأيام بعد أن كانت مفخرة الشرق الأوسط. وتوسع الصراع ينذر بحرب بلا نهاية في المنطقة. لقد تمكنت الأطماع الخارجية من تدمير البلد. فبالاتفاق مع بلدان الخليج، يقوم الغربيون بتسليح المتمردين الذي يقاتلون الآن من أجل إقامة الدولة الإسلامية. وآخر التطورات في هذا المجال هو قيام الولايات المتحدة بإرسال 2500 جندي أميركي لتدريب المتمردين، وذلك في تحد للسيادة السورية. وبذلك يكونون قد أقاموا رأس جسر للتدخل.
هذه الحرب هي كل شيء عدا كونها حرباً أهلية. والتقاء المصالح الاقتصادية والاستراتيجية يدفع بعض القوى الإقليمية والغربية للانحياز إلى صف المتمردين.
وتحت غطاء مكافحة الإرهاب، يلعب الغربيون لعبة مزدوجة غاية في الخبث. فهم يستغلون أزمة اللجوء التي نجمت عن الصراع، وهي أزمة غير مسبوقة تستحث المشاعر الحميدة، لإثارة نقاشات تتراوح بين خطابات حقوق الإنسان وخطابات الهوية.
أما مدة الصراع وقدرة المتصارعين على الاستمرار في الحرب فينتجان عن هيمنة العناصر الخارجية التي تغذي هذه الفوضى خدمة لمصالحها الخاصة.
الأطراف المتدخّلة في الأزمة السورية
بين المؤتمرات الثلاث لجنيف، ظلّت أطراف الأزمة السورية الداخلية والخارجية هي نفسها وكلّ طرف يمثّله فصيل مسلّح أو آخر معارض، ففي شهر أكتوبر الماضي سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على علاقة أطراف الأزمة السورية الداخلية بالأطراف الخارجية، عبر تقديم الدعم أو المواجهة العسكرية، وسط التدخل الروسي الجديد في هذه الأزمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي أعده مجموعة من مراسليها، بالتعاون مع "معهد دراسات الحرب" الأمريكي، إن سوريا مقسمة في الوقت الحالي بين أطراف أربعة رئيسية: قوات النظام مدعومة من حزب الله، تنظيم الدولة الإسلامية، تنظيمات الإسلاميين، والمعارضة السورية المسلحة المعتدلة، فيما تسيطر المليشيات الكردية بشكل منفصل على مناطقها شمال البلاد.
أما الأطراف الخارجية الداعمة، فقد قسمتها الصحيفة إلى ثمانية دول رئيسية: روسيا وأمريكا وبريطانيا وتركيا وإيران والسعودية وقطر والأردن، وفصلت الصحيفة هذا الدعم بالتالي مع بعض الإضافات:
روسيا
كان الإدعاء الروسي المبدئي بأنها تضرب مواقع تنظيم الدولة فقط، فيما تعارض ذلك مع عدة تقارير على الأرض، وتقاطع مع اعترافها بضرب مواقع معارضة للنظام.
وتعتبر موسكو داعما قديما لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ويبدو الآن راغبا بضرب أي فصيل، علماني أو إسلامي، يقاتل الجيش السوري، بما فيها التنظيمات التي تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر، المدعوم جزئيا بالتدريب والعتاد أمريكيا.
أمريكا
أمريكا بدورها تعارض نظام الأسد، مع اتخاذ خطوات محدودة لإسقاطه.
وشكلت أمريكا تحالفا لضرب أهداف لـتنظيم الدولة وتضرب أحيانا "جبهة النصرة"، بالإضافة لدعمها لبعض الثوار بالعتاد والتدريب لقتال تنظيم الدولة الإسلامية ودعمها العسكري الجوي للقوات الكردية التي قاتلته شمالا.
بريطانيا
تستخدم بريطانيا قاعدتها المهمة استراتيجيا في قبرص لضرب مواقع تنظيم الدولة دون مشاركة الرسمية في التحالف الذي تقوده أمريكا في سوريا.
ويعتقد أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يسعى لذلك، لكن التدخل الروسي عقد الأمور، بينما تعارض الحكومة البريطانية النظام السوري، وكانت داعما كبيرا للتنظيمات المعارضة السورية المعتدلة.
تركيا
تعارض تركيا، العضو في "الناتو" نظام الأسد بشدة، وأبدت مخاوفها من التدخل الروسي في أجوائها.
وتدعم أنقرة مجموعة من التنظيمات المعارضة للنظام، المعتدلة والإسلامية، بما في ذلك الجبهة الإسلامية التي تضمّ عشرات الكتائب المسلّحة على غرار جيش الإسلام وحركة أحرار الشام.
إيران
ترفض طهران أي اقتراح بتنحي، حليفها المخلص، الأسد، وتُعتبر داعما عسكريا كبيرا للنظام.
ودعمت إيران الحكومة السورية بالقادة العسكريين لتدريب ودعم قواتها المسلحة، وسط قتال كثيف لحليفها ووكيلها اللبناني حزب الله بجانب الأسد، بالإضافة لدعمها للمليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وباكستان.
السعودية
تصر الرياض على أن الأسد يجب أن يرحل كأي حل للأزمة، كما تدعم مجموعة من المعارضة الإسلامية والمعتدلة، وشنت ضربات جوية كجزء من التحالف الذي تقوده أمريكا.
ويقال إن السعودية دعمت الثوار السوريين بصواريخ مضادة للدروع، شمال سوريا، تحديدا بإدلب.
قطر
تمثل قاعدة العديد الجوية في قطر غرفة عمليات رئيسية للقوات الأمريكية، بالإضافة لشن قطر غارات ضد أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية كجزء من التحالف.
وتدعم الدوحة طيفا من التنظيمات المعارضة، الإسلامية والمعتدلة، كما تفاوض أحيانا باسمهم، في حين وافقت الدوحة في وقت سابق على فتح مركز تدريب للثوار اللذين جندتهم أمريكا.
من أبرز المجموعات المسلحة التي تدعمها قطر حركة أحرار الشام الإسلامية كما لها علاقات اتصالية قوية مع جبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة على غرار نجاحها في الوساطة لإطلاق سراح بعض المعتقلين السوريين "راهبات معلولا" وجنود في "الجيش اللبناني" اللّذين كانوا محتجزين عند النصرة.
الأردن
تعارض الأردن الأسد، وتدعم المقاتلين في الجبهة الجنوبية في محافظات درعا والسويداء، وتقدم الدعم اللوجستي والتدريب، بالإضافة لاستضافتها لغرفة عمليات مشتركة للجنوب، ومشاركتها بعمليات جوية عسكرية ضد تنظيم الدولة كجزء من التحالف.
يذكر أنه في 9 من شهر ديسمبر الماضي، استضافت المملكة العربية السعودية في عاصمتها الرياض أعمال مؤتمر المعارضة الموسع، والذي شارك فيه أكثر من مئة عضو من المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، في أكبر تجمع لهم منذ بدء الأزمة في البلاد قبل نحو 5 سنوات.
وضمت القائمة المشاركة في المؤتمر وقتها، شخصيات توزعت فيها الكيانات المشاركة، بين الجناحين السياسي والعسكري للمعارضة السورية، حيث شارك الإئتلاف الوطني السوري بوفد من أعضائه مع شخصيات معارضة بلغ عددهم 36 شخصية، بينما مثل المعارضة المسلحة نحو 19 شخصية، وبقية الأعضاء من تيارات وكيانات مختلفة، أبرزها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، ومؤتمر القاهرة، وتيار بناء الدولة السورية، فضلاً عن معارضين مستقلين، إضافة إلى شخصيات سورية عامة وناشطين.
وكانت أبرز فصائل المعارضة السورية التي شاركت في الإجتماع، حركة أحرار الشام الإسلامية، وجيش الإسلام، ونور الدين زنكي، وفيلق الشام، والفرقة الساحلية الأولى والثانية، وغيرها من فصائل الجيش الحر.
مستقبل الأزمة السورية
حتى الآن لا يبدو لازمة السورية طريقة للحل لان كل من النظام والمعارضة يرى انه يرتكن الي طريقة إلي الصواب وانه صاحب الحق في مطلبه وعمله ، لذا لا مصلحة له بالاعتراف بالخطأ والذي يمكن إنا يترتب عليه نتائج ليس اقلها التراجع عن الموقفة التسليم بموقف خصمه غير مستعدين بأخذ إي مبادرة سياسية حقيقية معينة