الحرب الصامتة
محمد الكويفي
وانت تطالع التاريخ تجد أن الصراع موجود منذ بدء الخليقة بين الأفراد والجمعات، والهدف هو البقاء والسيطرة، هذه الحروب التي تعتبر صراعا دموياً بين إرادتين تريد كل منهما التفوق على الأخرى، وتحطيم مقاومتها بهدف تحقيق مصالح محددة أنتجت خسائر كبيرة في الأرواح والأموال والجهود، وعندما تطور الإنسان تطورت معه أدوات الصراع والحرب، فاتجهت العديد من الدول لتجنب استخدام المدافع والدبابات أو القنابل الذرية لتستبدلها بحرب صامتة لا قتال فيها ولا خسائر، وجعلت القتال المباشر هو المرحلة الأخيرة، او حتى يمكن استبعاده.
هذه الحرب الصامتة لديها هدف واضح ومحدد وهو تدمير الروح المعنوية للمستهدف، فإن كان المستهدف عسكريا فيمكن تدمير ثقة المقاتل بنفسه وبتدريبه، وكذلك زعزعة ثقة الجندي بقيادته.
المحارب الصامت (الحرب النفسية) يقوم بمدح الجنود بانضباطهم ويشكك بقيادتهم ومدى إخلاصهم وعلمهم،
كذلك يعمل على ترويج الإشاعات حول سقوط مواقع هامة او استسلام فرق او انشقاق قادة بارزين او وقوعهم في الاسر او قتلهم.
هناك اهداف سياسية للحرب النفسية كبث الفتن العرقية والطائفية، تهيئة الناس لقبول فكرة معينة، او ترك فكرة.
هناك أيضا اهداف اقتصادية كبث اشاعات حول سلعة او منتج او مصنع ويمكن تعديل اتجاه المستهلك لتقبل او منع هذه السلعة المحددة من خلال وسائل الاعلام، او حتى قرى او عقارات كأن يطلق عليها إشاعة انه يسكنها جان وما شابه.
عجبتني تل المقولة "إننا نستهلك الكثير من القنابل لندمر بها مدفعاً واحداً في يد جندي , أليس الأرخص من ذلك أن نبحث عن وسيلة تسبب اضطراب الأصابع التي تضغط على زناد المدفع في يد هذا الجندي"
هناك أساليب عديدة تستخدمها المؤسسات والدول للخداع ونشر القلق والشك والخوف او لتعزيز الامن والثقة والروح المعنوية وتعديل الفكر والسلوك واهم هذه الأدوات هي الإشاعة، والإعلام بوسائله العديدة والجديدة، والعملاء، والدعاية المخطط لها حيث تختلف عن الشائعة لأنها اقل غموض وتستند الى حقائق مصبوغة بالتكرار، كذلك غسيل الدماغ الذي يتميز بإنه فردي، حتى النكتة يمكن توظيفها في السلم لتصبح وسيلة من وسائل الحرب النفسية
الشائعة هي أخطر وسائل الحرب النفسية حيث عرفها العلماء بإنها رواية مصطنعة عن شخص او جماعة يتم تداولها شفيها او إعلاميا ليصدقها الجمهور دون ان يكون لها مصدر او دلائل
ولمواجهة الشائعات علينا أولا معرفة هدفها ونوعها ومن ثم اختيار الأسلوب الأمثل لمحاربتها كدحضها بتقديم الحقائق والأدلة والعمل على زيادة وعي المواطن في مختلف الاتجاهات، والاتصال الدائم بين القيادة والمواطنين على مختلف المستويات، يمكن استخدام استراتيجية التجاهل واللامبالاة للحد من انتشار الشائعة واضعاف تأثيرها