رائد غنيم يكتب ~ محمد الكويفي

Change Language

لا خير في دراسة وعلم ونبوغ، اذا لم يصاحبه تقوى وعمل..

2019/08/03

رائد غنيم يكتب

ثمة أشخاص نتعرف عليهم، ومن ثم ترتقي طبيعة علاقتنا معهم، وردود أفعالنا تجاههم، لتصبح معياراً على مكانتنا الأخلاقية.
ثمة أناس لا يحق لنا أن نزعل منهم مهما أساؤوا إلينا، أو حسبنا أنهم قد أساؤوا
ليس لأنهم معصومون، وإنما لأنهم عصمونا ذات أيام من أنفسنا.
أعطونا أشياء ما كان لغيرهم أن يعطينا إياها، أحسنوا إلينا مثلاً بإحسان، ما كان لنا بحال أن نتخيل أنفسنا ونحن نُحسن إحساناً مثله لآخرين.
زرعوا فينا أشياء، وترعرعت فينا هذه الأشياء، لتغدو فضائلنا –إن كانت ثمة فضائل لنا- تعود نقطة البدء فيها، وترجع إليهم.
هؤلاء لا يكفيهم قول القائل القديم: (الكريم مَن حَفَظَ وُدَ ساعة)
لأنهم أسمى من ذلك، وأعلى، وأجمل، وأَكمل.
***
ما من إنسان إلا وتواجد أمثال هؤلاء في حياته.
فإذا ما قَلَّبَ أحدنا ناظريه في أرجاء حياته، فتذكر أناساً يشبهونهم، فهذا يعني أنه امتلك النطفة اللازمة لاستمرارية حياته كإنسان كريم.
وإن لم يجد، فهذا يعني بأن النفس القارونية تجول فيه وتصول، وبأنه على شفا حفرة من كونه "لا إنسان".
***
دائماً نحن بحاجة إلى شيء مُفارِق وَسَامي وبعيد وقابل للتجسيد
دونه نبدو كما الإبل السائمة حين تهيم في البراري
أو كما السكارى في حانة ضيقة هي الحياة
وخطانا التي تدب على الأرض، لا تدب تحت وطأة الجاذبية الأرضية وحسب
كما أن قلوبنا التي تنبض، لا تدفع وترفع وتنقل الدم المخلوط بالأكسجين وحسب
لأن ذاك النفر المفارق البعيد القابل للتجسيد
هو الذي يُسبغ الرسوخية على أقدامنا حين تمضي في مشاوير الحياة
كما أنه هو الذي يُتيح الفرصة لقلوبنا لأن تؤدي دورها الذي لأجله خُلِقَت
إنه يمنحها الفرصة لألا تكون آلية وحسب
إنه يذكرها دائماً: بأنها لم تُخْلَق إلا لِتُحِب.

التعليقات
0 التعليقات

0 الردود:

إرسال تعليق

شكرا لك
بصراحة استفدت كثيرا من هذه التدوينة
ان شاء الله في ميزان حسناتك