مسلسل مرزوقه وشعبان
الحلقة الأولى
صفوة المواضيع وخلاصة التجربة والبحث
سَأَحمِلُ روحي عَلى راحَتي | وَأَلقي بِها في مَهاوي الرَّدى |
فَإِمّا حَياةٌ تَسُرُّ الصَديقَ | وَإِمّا مَماتٌ يَغيظُ العِدى |
وَنَفسُ الشَريفِ لَها غايَتانِ | وُرودُ المَنايا وَنَيلُ المُنى |
وَما العَيشُ لا عِشتَ إِن لَم أَكُن | فَخَوفَ الجِنابِ حَرامَ الحِمى |
إِذا قُلتُ أَصغى لي العالَمونَ | وَدَوّى مَقالي بَينَ الوَرى |
لَعَمرُكَ إِنّي أَرى مَصرَعي | وَلكِن أَغذُّ إِلَيهِ الخُطى |
أَرى مَقتَلي دونَ حَقّي السَليب | وَدونَ بِلادي هُوَ المُبتَغى |
يَلِذُّ لِأُذني سَماعُ الصَليل | يَهيِّجُ نَفسي مَسيلُ الدِّما |
وَجِسمٌ تَجَدَّلَ فَوقَ الهِضابِ | تُناوشُهُ جارِحاتُ الفَلا |
فَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ السَماءِ | وَمِنهُ نَصيبٌ لِأُسدِ الشَرى |
كَسا دَمُهُ الأَرضَ بِالأُرجُوانِ | وَأَثقَلَ بِالعِطرِ ريحَ الصَبا |
وَعَفَّرَ مِنهُ بَهِيَّ الجَبينِ | وَلكِن عَفاراً يَزيدُ البَها |
وَبانَ عَلى شَفَتَيهِ اِبتِسام | مَعانيهِ هُزءٌ بِهذي الدُنا |
وَناَ لِيَحلمَ حُلمَ الخُلودِ | وَيَهنَأَ فيهِ بِأَحلى الرُوءى |
لَعُمرُكَ هذا مَماتُ الرِجالِ | وَمَن رامَ مَوتاً شَريفاً فَذا |
فَكَيفَ اِصطِباري لِكَيدِ الحُقودِ | وَكَيفَ اِحتِمالي لِسومِ الأَذى |
أَخَوفاً وَعِندي تَهونُ الحَياةُ | وَذُلّاً وَإِنّي لَرَبُّ الإِبا |
بِقَلبي سَأَرمي وُجوهَ العُداة | وَقَلبي حَديدٌ وَناري لَظى |
وَأَحمي حِياضي بِحَدِّ الحُسامِ | فَيَعلَمُ قَومي بِأَنّي الفَتى |
أخي أنت حرٌ وراء السدود | أخي أنت حرٌ بتلك القيود |
إذا كنت بالله مستعصما | فماذا يضيرك كيد العبيد |
أخي ستبيد جيوش الظلام | و يشرق في الكون فجر جديد |
فأطلق لروحك إشراقها | ترى الفجر يرمقنا من بعيد |
أخي قد أصابك سهم ذليل | و غدرا رماك ذراعٌ كليل |
ستُبترُ يوما فصبر جميل | و لم يَدْمَ بعدُ عرينُ الأسود |
أخي قد سرت من يديك الدماء | أبت أن تُشلّ بقيد الإماء |
سترفعُ قُربانها ... للسماء | مخضبة بدماء الخلود |
أخي هل تُراك سئمت الكفاح | و ألقيت عن كاهليك السلاح |
فمن للضحايا يواسي الجراح | و يرفع راياتها من جديد |
أخي هل سمعت أنين التراب | تدُكّ حَصاه جيوشُ الخراب |
تُمَزقُ أحشاءه بالحراب | و تصفعهُ و هو صلب عنيد |
أخي إنني اليوم صلب المراس | أدُك صخور الجبال الرواس |
غدا سأشيح بفأس الخلاص | رءوس الأفاعي إلى أن تبيد |
أخي إن ذرفت علىّ الدموع | و بللّت قبري بها في خشوع |
فأوقد لهم من رفاتي الشموع | و سيروا بها نحو مجد تليد |
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا | فروْضاتُ ربي أعدت لنا |
و أطيارُها رفرفت حولنا | فطوبى لنا في ديار الخلود |
أخي إنني ما سئمت الكفاح | و لا أنا أقيت عني السلاح |
و إن طوقتني جيوشُ الظلام | فإني على ثقة ... بالصباح |
و إني على ثقة من طريقي | إلى الله رب السنا و الشروق |
فإن عافني السَّوقُ أو عَقّنِي | فإني أمين لعهدي الوثيق |
أخي أخذوك على إثرنا | وفوج على إثر فجرٍ جديد |
فإن أنا مُتّ فإني شهيد | و أنت ستمضي بنصر جديد |
قد اختارنا الله ف دعوته | و إنا سنمضي على سُنته |
فمنا الذين قضوا نحبهم | ومنا الحفيظ على ذِمته |
أخي فامض لا تلتفت للوراء | طريقك قد خضبته الدماء |
و لا تلتفت ههنا أو هناك | و لا تتطلع لغير السماء |
فلسنا بطير مهيض الجناح | و لن نستذل .. و لن نستباح |
و إني لأسمع صوت الدماء | قويا ينادي الكفاحَ الكفاح |
سأثأرُ لكن لربٍ و دين | و أمضي على سنتي في يقين |
فإما إلى النصر فوق الأنام | وإما إلى الله في الخالدين |