التعليم الجامعي .. للجامعات المحلية 2/3
هذه مجرد أفكار وخواطر وليست خطة عملية متكاملة ..
لتطوير مخرجات التعليم الجامعي، نحن بحاجة إلى تطوير شامل وملموس على مختلف المستويات، وفيما يلي بعض الأفكار:
الدراسة المعمقة لاحتياجات السوق:
• دراسة احتياج السوق المحلي والإقليمي والعالمي، ليس مجرد دراسات مكررة تقليدية توضع على الرف ولمجرد الاستعراض، وإنما تطوير مجموعة مؤشرات مرجعية يتم قياسها بشكل دوري وتكون مرجعية للجامعات في تطوير برامجها.
شراكات حقيقية:
• مطلوب تطوير شراكات حقيقية وعملية مع المؤسات الحكومية والأهلية والخاصة المحلية والخارجية، ليس مجرد اتفاقيات على الورق وتصوير واحتفالات وإنما خطط عملية تتحقق منها الفائدة.
التخصصات الحالية:
• تقييم حقيقي للتخصصات، وذلك أيضا بدراسة مبسطة لبعض المؤشرات مثل (القيمة من وجود التخصص – قيمة الإنفاق على التخصص – قدرات الطاقم في التخصص – عدد الخريجين السنوي وعدد الخريجين الإجمالي من التخصص – فرص توظيف خريجي التخصص – القيمة المتوسطة لرواتب الخريجين من التخصص) وسوف نجد أن ربع التخصصات بحاجة إلى إغلاق.
• الجرأة في إلغاء تخصصات: مثلا يوجد تخصصات في بعض الجامعات متوسط طلاب الشعبة 3-4 وفي أحسن الأحوال سمعت أنه وصل إلى 8 – هل فعلا مجدي أن يكون لدينا هذا التخصص، لماذا، فليغلق أو يدمج في مجال آخر، أو غير ذلك.
• بعض التخصصات تحتاج تعديل طفيف، مثلا يبقى التخصص كما هو مع تغيير في بعض المساقات، وتكون السنة الأخيرة سنة مختلفة يختار فيها الطالب أحد المسارات المحددة الاكثر تخصصية، يعني تخصص مع وجود 3 او 4 مسارات تخصصية في السنة الأخيرة. التخصصات تأتي يناء على حاجة السوق وتكون متغيرة ومتجددة.
المهارات:
• خلال السنوات الـ 5 الماضية كنت في لجان للعديد من المقابلات لوظائف مختلفة، لم أركز في مقابلاتي على المؤهل العلمي، كان تركيزي على المهارات. من يتعلم المهارات في هذا الزمن يتقدم عشرات الخطوات على صاحب المؤهل. بل، وظفنا طلابا لم يتخرجوا. وفي السوق يوجد شواهد كثيرة لأناس حاصلين على أعلى الدرجات العلمية ولا يصل عائدهم الشهري إلى 40% من عائد شاب بالكاد يبلغ الـ 25 ولكنه مكن نفسه بالمهارات في مجال عمله.
نوعية المساقات وأسلوب التعليم:
• أعتقد أنه يلزم على الأقل تغيير 20% من المساقات في كثير من التخصصات بمساقات يتطلبها العصر، وأيضا تغيير من 30-50% من محتوي معظم المساقات ليكون مواكبا.
• منهجيات التعليم التقليدية لا تنفع، المطلوب منهجيات تعتمد على التعلم، والطالب الذي لا يستطيع أن يجاري ذلك لا يلزم، فليس المطلوب من يحفظ بل المطلوب من يفهم. قابلنا كوارث تحمل علامات خرافية وقدراتهم للأسف خرافية.
• الجانب العملي: الجانب العملي مُهمل جدا في كثير من التخصصات، ليس المطلوب مجرد مختبرات بسيطة لإجراء تجارب واختبارات، المطلوب مساحات تفكير ومختبرات محاكاة ومختبرات تطبيقية حقيقية تتناسب مع احتياجات كل تخصص.
الاستعانة بالسوق:
• 70% من المساقات تتطلب الاستعانة بشخصيات من القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة لعرض التجارب والحديث عن الواقع أمام الطلاب، المقصود أن يتم إلزام بعض المحاضرين باستضافة شخصيات من خارج الكلية للحديث عن بعض أجزاء المنهج، 3 محاضرات على الأقل في كل مساق. كنت في أحد هذه المواقف وكانت أبصار الطلاب شاخصة وكأني أتحدث لهم من العالم الخارجي ..
الطاقم:
• الطريقة التقليدية في التعليم أصبحت من مخلفات العصور البائدة، مجرد إلقاء محاضرة مكتوبة من 15 سنة دون تغيير ثم امتحان فصلي وامتحان نهائي، هذا ليس النموذج المثالي للتعليم، هذا نموذج نظري قاتل، ينتج أناسا يحملون شهادة فقط ولا يملكون أي مؤهل لدخول السوق المحلي أو الخارجي. تخيل في بعض التخصصات أن يدرس ابنك نفس المادة التي درستها أنت قبل 25 عام بنفس الاسلوب ونفس العروض التقديمية ونفس الوقات البالية ؟!!
• ما هي المشكلة في تقييم شامل لكفاءة المحاضرين، يجب وضع نموذج للمؤهلات والمهارات المطلوبة لتعيين الأكاديميين، يجب منح الأكاديميين النائمين فرصة 12 شهرا مثلا لتصويب أوضاعهم أو نزعهم من أماكنهم. موقع الأكاديمي في الجامعة ليس موقع الشعور بالأمان الوظيفي، إنه موقع الشعور بالضغط النفسي للتطوير اليومي، اليومي وليس السنوي.
• كيف يمكن لأكاديمي لا يعرف أهم المصطلحات المتداولة في السوق أن يكون مسؤولا عن تعليم جيل كامل، من لا يعرف لغة السوق ليس مؤهلا كائنا من كان. تعاملت مع شخصيات لها مكانتها الأكاديمية وعند العمل في استشارة خارجية لم أجد سطرين يمكن الاستفادة منهما فيما كتبوا، بل وجودهم في بعض الاجتماعات كان طامة كبرى، وطريقة تفكيرهم لا تستحق وصف "نمطية" بل مستوى سابع ابتدائي. يا قوم بعض الأكاديميين لا أستطيع تحمل الجلوس معه ربع ساعة للهول الذي أراه من طريقة كلامه وتكفيره، فكيف سيتحمله الطلاب خلال 3 ساعات أسبوعيا لمدة 16 أسبوع؟
الشهادات العليا:
• الطريقة التقليدية في الحصول على شهادة الماجستير المحلية والطابع الاحتفالي في الأطروحات نموذج من مخلفات العصور السابقة، بحكم عملي يتم استشارتي من قبل العديد من الطلاب الباحثين في المقابلات أو تحكيم استمارات، لقد وجدت عجبا، والله لو ذكرت بعضا مما وجدت لكان كفيلا بالإطاحة بكليات كاملة وسحب شهادات. المشكلة على مستوى تفكير الطالب ومستوى لغته العربية حتى ومستوى طريقة التحليل وكل شيء.
المنصات المفتوحة:
• لماذا لا يوجد منصات تعليمية تابعة للجامعات توفر محاضرات مسجلة بطريقة احترافية وتُعرض على شكل مساقات أو برامج تدريب سواء مدفوع أو مجاني. الأمر بسيط جدا والمهارات المطلوبة له بسيطة ومتاحة، وكل المطلوب استيديو داخل الجامعات ويمكن استغلاله من الأكاديمين باشتراكات بسيطة لنشر محاضراتهم سواء بمبادرة شخصية أو مبادرة جماعية من قبل الجامعات والكليات. استفيدوا يرحمكم الله من تقنيات التعليم عن بُعد وأفكار الجامعات المفتوحة.
القيم:
• في الكثير من التخصصات يهتم القائمون على التعليم بالمهارات والتطبيقات كثيرا جدا، وبالغوا في المقابل في تعليم لغة المال والأعمال للطلاب، وأن كل شيء يقاس بقيمة العائد المالي على الخريج، ونسوا القيم والأخلاق والسلوك، مما أنتج أناسا يعملون خلال الـ 8 ساعات في 3 عقود بالتوازي ؟! فأين القيم والأخلاق والحلال والحرام ؟ لماذا لم يتعلموا هذا في الجامعة ؟! "سيمون سينك" يقول أن الأخلاق في التوظيف مقدمة على المهارات، والمهارات مقدمة على المؤهلات.
مرة أخرى، نحن بحاجة إلى مساحة جديدة من التفكير العميق وبحاجة إلى ابتكار مزعزع Disruptive Innovation .
أيها المسؤول عن التعليم الجامعي أيا كان موقعك، أنت مسؤول، عليك بممارسة "التشكيك الإيجابي" مع الناصحين والاستماع والتفكير بعين أخرى والاستماع بأذن أخرى، وترك المطبلين التقليديين.
فالبوصلة مختلفة والدفة تحتاج إلى ربان حاذق.
#business #salahtaha #startup #ecosystem #idea
#مشروع #ريادة #رائد_أعمال #شركة_ناشئة #فكرة #تعليم #مهارات #توجيهي #كلية #جامعة #تعليم
د صالح طه