ورقة بحثية بعنوان أهل السنة في لبنان ~ محمد الكويفي

Change Language

لا خير في دراسة وعلم ونبوغ، اذا لم يصاحبه تقوى وعمل..

2021/07/12

ورقة بحثية بعنوان أهل السنة في لبنان


برنامج الدراسات العليا المشترك بين
أكاديمية الإدارة والسياسة للدراسات العليا وجامعة الأقصى بغزة

جامعة الأقصى - غزة



ورقة بحثية بعنوان 

أهل السنة في لبنان


إعداد الباحث

محمد عاطف غزال

إشراف

د. إبراهيم حبيب

قُدمت هذه الورقة لإتمام متطلبات النجاح في مساق دراسات إقليمية ودولية

1438 هـ - 2017 م

مقدمة

قضية أهل السنة في لبنان شأنها شأن الكثير من قضايا الأقليات يتداخل في التأثير عليها البعد المذهبي العقائدي مع البعد التاريخي والاجتماعي والسياسي ، ويرتبط الوجود الإسلامي في لبنان بالفتح الإسلامي لبلاد الشام، كونه جزءاً لا يتجزأ منها، وقد انتزعه المسلمون من الامبراطورية البيزنطية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وصالحوا  سكانه وغالبيتهم أخلاط من النصارى العرب – من الأنباط والموارنة نسبة والمردة" الجراجمة : أصحاب جرجومة في جبل اللكام" ، على أن يكونوا جميعاً عوناً للمسلمين في مواجهة الروم البيزنطيين، واتسمت علاقة الجراجمة بالمسلمين بالثورات والتوتر وصراع إلى أن قام صالح بن علي عم الخليفة العباسي أنداك بحشد جيش كبير قاده بنفسه وتمكن من القضاء على ثورتهم واستولى على حصونهم وهدمها.

مهد تعسف عمال وولاة الدولة العباسية في بلاد الشام، الأمر الذي مهّد لانتشار روح التشيع عند بعض مسلمي لبنان، خاصة حينما بسط الفاطميون نفوذهم على بلاد الشام في القرن الرابع الهجري، فتحولت أعداد كبيرة منهم إلى الشيعة بمختلف مذاهبها، وتشكلت في طرابلس إمارة شيعية بزعامة ابن عمار أحد قضاة الدولة الفاطمية. أما عن انتشار المذهب الدرزي في لبنان، كما في سورية، فإن المصادر التاريخية تشير إلى ارتباطه بحمزة بن علي الفارسي المعروف باللباد، الذي دعا إلى

ألوهية الحاكم بأمر الله الفاطمي، قام بعد وفاة الحاكم بتعليق رسالة على أبواب المساجد يذكر فيها أن الحاكم لم يمت، وإنما اختفى ليختبر إيمان أتباعه، واتخذ حمزة معبداً سرياً كان يدعو الناس فيه إلى عبادة الحاكم وتوحيده.

وربما مثلت هذه الإطلالة السريعة على تاريخ المسلمين في لبنان تفسيراً لخارطة لبنان السياسية والطائفية، وقادتنا إلى فهم واقع أهل السنة في لبنان 

          راجياً من الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا بما ينفعنا وأن يزيدنا علماً.     

                                                                    


                                                                      الباحث 




في لبنان ينص الدستور على حرية المعتقد الديني وحرية ممارسة كافة الشعائر الدينية، شرط ألا تؤثر على النظام العام. ويحتم الدستور على الدولة أن تحترم جميع الأديان والطوائف ويكفل احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية للأشخاص من جميع الطوائف الدينية. وتسمح الحكومة للأديان المعترف بها بممارسة نفوذها في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية على غرار الزواج والطلاق والارث , ويؤكد الدستور أيضاً على المساواة في الحقوق والواجبات الممنوحة لجميع المواطنين دون تمييز أو تفضيل، ولكنه يشترط وجود ميزان قوى بين المجموعات الدينية الرئيسية لبنان رغم صغر مساحته ورقعته الجغرافية التي لا تزيد على عشرة آلاف وأربعمائة كيلو متر مربع وبنظامها السياسي الذي يكرس الطائفية منذ اعلان استقلاله تحت نفوذ واشراف الانتداب ليؤكد حدود الاستقلال دستورياً وقانونياً ويؤكد نظامها السياسي الطائفي على أساس التفاهم والتعايش السلمي المشترك.

توزيع الطوائف في لبنان:

يضم البلد عدة طوائف رئيسية مختلفة موزعة على النحو التالي:

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/4/49/Lebanon_AR.jpg/220px-Lebanon_AR.jpg

تقديرا لتوزيع المنطقة من الجماعات الدينية الرئيسية في لبنان

تظهر الخريطة التي نشرها موقع GlobalSecurity.org في العام 1991م تقديرا لتوزيع المجموعات الدينية الرئيسية في لبنان على النحو التالي : 

 

https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/9/90/Lebanon_sectors_map.jpg/220px-Lebanon_sectors_map.jpg

تظهر آخر الاحصائيات المتعلقة بتوزيع الطوائف في لبنان تساوياً في نسبة المسلمين السنة مقابل الشيعة:C:\Users\Hp\Desktop\1280px-Pie_Chart_Showing_Religions_of_Lebanon_by_Percentage_of_Population.png



جدول يوضح توزيع الطوائف حسب آخر الإحصائيات






خريطة الفاعلين السُّنَّة في لبنان: التركيبة والتوجهات:

تتسم الساحة السنية اللبنانية من حيث البعد التنظيمي ، ويتنازعها في الغالب تيارات مرنة أكثر مما هي تنظيمات حديدية لأنه يغلب على المكون السني الاختلاط الديموغرافي الواسع مع باقي المكونات اللبنانية الأخرى إضافة إلى انخراطه التاريخي في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي ، ويتعرض الفاعلون في المكون السنِّي اللبناني لاختبار صعب بسبب تداعيات الثورة السورية على لبنان وتصاعد النفوذ الإيراني في المنطقة، وهناك خشية، إذا لم يتطور أداؤهم، من أن يؤدي ذلك إلى فشلهم السياسي وبالتالي تسرب الفوضى والتشدد إليهم خشية خسارتهم موقعهم في النظام اللبناني ، ويوضح الشكل الحالي تركيبة التيارات الرئيسية للفاعلين السنة وتوجهاتهم:

C:\Users\Hp\Desktop\201531681839780734_19.jpg

تيار المستقبل:

تعود جذور تيار المستقبل إلى الكتلة الانتخابية لرئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وكان التأسيس الرسمي له برئاسة ابنه سعد الحريري في 9 أغسطس/آب 2007 .

يمثل المستقبل السنِّيَّة السياسية التقليدية في لبنان المتماهية مع النظام العربي عبر البوابة السعودية وما كان يُسمَّى محور "الاعتدال العربي".

يعتمد التيار في سياسته الداخلية على المزاوجة بين الشراكة لضرورات التعايش الوطني والنقد القاسي لحزب الله -سواء لدوره في الحكومة أو لدوره الأمني الموازي لسلطة الدولة الشرعية- واستمالة الخصوم الآخرين من قوى 8 مارس/آذار كالتيار الوطني الحر وحركة أمل، وتحصين تحالف قوى 14 مارس/آذار مع ضبط الساحة السنِّية والفاعلين فيها بما يتوافق مع سياسته ومتطلباته المحلية وفي الإقليم.

وتقوم رؤيته السياسية على بناء الدولة في مقابل حلِّ الميليشيات، وحصرية سلاح الدولة في مقابل انتشار السلاح غير الشرعي ومنه ما يُسمَّى "سلاح المقاومة"، وعلى "الاعتدال الوطني" و"الديني" في مواجهة "التطرف السياسي والديني"

الجماعة الإسلامية

تكاد الجماعة الإسلامية تكون الكيان اللبناني الإسلامي الوحيد الذي يمارس دورًا سياسيًّا ويمثل شريحة واسعة من السنَّة بعد المستقبل، ويرأسها حاليًا إبراهيم المصري. تأسست رسميًّا عام 1964 وتنتمي لمدرسة الإخوان المسلمين في ثقافتها الدينية. برزت كقوة مستقلة انتخابيًّا بعد أول انتخابات تَلَت الطائف عام 1992(5)، ثم أصبحت بعد الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 أكثر ارتباطًا بتيار المستقبل في أدائها السياسي بسبب ضعف وجودها في بنية "السلطة اللبنانية"، ولتشاركها مع المستقبل في الجمهور المستهدف، أي: "الجمهور السني"، وتبنَّت مقولاته الأساسية في مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري (2005) لاسيما مواقفه إزاء "بناء الدولة" بنزع سلاح المليشيات و"محاكمة" قتلة الحريري ولاحقًا التقت معه في دعم الثورة السورية (2011). 

هيئة العلماء المسلمين

تضم هيئة العلماء المسلمين علماء وشخصيات دينية من التيار السلفي والجماعة الإسلامية وعلماء من دار الفتوى انضموا إليها كمستقلين فضلًا عن آخرين مستقلين استقلالًا تامًّا.

 تأسست عام 2012 لدعم الثورة السورية وبعد سلسلة من الأحداث أوصلت أهم الفاعلين السنَّة وعلى رأسهم تيار المستقبل إلى أدنى درجات الضعف (اجتياح حزب الله لبيروت 2008- إقالة سعد الحريري يناير 2011- بروز دار الإفتاء في موقع مخالف للجمهور السني بتقاربها مع حزب الله – فقدان الجماعة قد فقدت بعضًا من مرجعتيها الدينية (غير الرسمية) المستشار القاضي فيصل مولوي 2008 والذي كان يحظى باحترام المجتمع الديني الرسمي وغير الرسمي.

دار الإفتاء:

إن القانون اللبناني(19) "يؤكد استقلال المسلمين السنيين، في شؤونهم الدينية وأوقافهم الخيرية" بإدارة من "المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى" المنوط بأعضائه "حقُّ إصدار التشريعات" المنظمة لشؤون وأوقاف الطائفة ويرأسه مفتي الجمهورية اللبنانية الذي هو أيضًا "الرئيس الديني لعلماء الدين المسلمين والمرجع الأعلى للأوقاف الإسلامية والإفتاء على سائر الأراضي اللبنانية، كما أنه المشرف الأعلى على أحوال المسلمين ومصالحهم الدينية والاجتماعية". أما من الناحية السياسية فإن الدار تتبع سياسيًّا رئيس الوزراء اللبناني "السنِّي"، خاصة منذ الطائف والفترة التي حكم فيها رفيق الحريري(20) وما بعدها، وشهدت افتراقًا في ظل المفتي السابق محمد رشيد قباني مع تيار المستقبل الذي يكاد يكون الممثل السياسي للسنَّة بلا منافس، وشمل خلاف قباني لاحقًا علاقته برئيس الوزراء نجيب ميقاتي؛ ما أدى في لحظة فريدة في تاريخ الطائفة السنية إلى انقسام في بعض مؤسسات دار الإفتاء على نفسها لاسيما المجلس الشرعي الإسلامي، وكذلك الانفصام بين دار الإفتاء ورئاسة الحكومة، ولكن بعد انتخاب تمام سلام لرئاسة الوزراء تم الاتفاق بوساطة سعودية-مصرية-سوريَّة على استقالة المفتي قباني وتم انتخاب عبد اللطيف دريان خلَفًا له، وأُعيد توحيد الدار تحت الرعاية السياسية لتيار المستقبل(21)، وهذا لا يمنع وجود مسؤولين دينيين نافذين في الدار قد يُعتبرون من القريبين نسبيًّا من قوى 8 مارس/آذار وترضى بهم سوريا في هذا الظرف، خاصة من أولئك الذي تجمعهم علاقات جيدة مع مصر، وهم يوفرون غطاء نسبيًّا من الدار لعلماء سنَّة يؤيدون حزب الله وهو يدعمهم(22).

الفاعلون السنَّة في لبنان: التحديات والمستقبل:

تحدث فيها عن تعرض المكون السني في لبنان لإعادة التعريف مرتين:

 إحداها: بعد استقلال لبنان عن الدولة العثمانية وتخلِّيه عن "سوريا الكبرى" عام 1943، وإعادة صياغة نفسه كأحد "الأقليات" الكبيرة في لبنان تحت حكم ما سُمِّي حينها "المارونية السياسية" والتي تشير إلى تحكم "المسيحيين الموارنة" بالكيان اللبناني الوليد. 

والأخرى بعد اتفاق "الطائف" عام 1989 الذي جاء -كما يُفترض- ليخفف من حدة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، فإذا به في أعقاب مقتل الرئيس رفيق الحريري عام 2005 يؤجِّج نزاعًا مذهبيًّا بين "السنة والشيعة" بسبب التحكم السوري بمخرجات "الطائف" السياسية، وليبلغ "التناقض المذهبي" بينهما حدًّا خطيرًا بعد اندلاع "الحراك الثوري العربي" بسبب مشاركة حزب الله عسكريًّا في "الأزمة السورية"؛ ما جعل "الغضب" وإعادة "تعريف الذات"، هو العنوان الأبرز مجددًا للمكون السني ولجل جمهوره الصامت والفاعل.

ولكن المكون السني يعاني منذ "الطائف" من عدم انسجام أبرز الفاعلين فيه وضعفهم، وذلك تبعًا لاختلاف مواقفهم إزاء مجموعة من التحديات التي واجهتهم والتي من المتوقع أن تكون لها تأثيرها مستقبلًا على تصورهم لأنفسهم ولدور ووظيفة "المكوِّن السني" في لبنان وعلاقته بالإقليم.

ويمكن حصر التحديات في ثلاثة رئيسة، هي: "العلاقة مع إيران"، والموقف من "المقاومة ضد إسرائيل"، والموقف من "الحراك الثوري العربي" أو ما يُسمَّى "الربيع العربي".


ثم تحدث عن ثلاثة تحديات أساسية تواجه المكون السنِّي في لبنان:

  1. الموقف من إيران باعتبار أنها تستبطن محاذير عدة، منها أن الصعود الإيراني "المذهبي" يدفع المكون السني نحو إعادة تعريف علاقته بالمكون الشيعي ما يزيد من فرص "الاحتراب المذهبي" بينهما خاصة وأن فشل الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل قد يفتح الباب واسعًا أمام صراع جديد وربما نشهد فاعلين جددًا في المكون السني.

  2.  اختلاف الفاعلين السنَّة في تعريف بعض ما يجري في الإقليم و اختلافهم في تفسير الربيع العربي  وما يتصل به من قضايا ومفاهيم مثل "الحرب على الإرهاب" "الاعتدال"؛ ما قد يسمح للصراعات البينية الموجودة في المكون السني في الإقليم (سوريا والعراق) بالانتقال إلى داخل ساحتهم، فتصبح القسمة فيها أشبه بـ"صحوات ومتمردين"، ولو بصورة أقل حدَّة وبعناوين مختلفة تتناسب والوضع اللبناني.

2- الموقف من المقاومة :  حيث كان المكون السنِّي خلال الحرب الأهلية اللبنانية يشكِّل العصب الثقافي والسياسي للمقاومة ضد إسرائيل، وأخذت مساهمته فيها تتراجع مع خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982 وبالتوازي مع تصاعد نفوذ حركة أمل وحزب الله في السلطة واكتمال بنيتهما المذهبية سياسيًّا في الكيان اللبناني، وذلك بالنظر إلى :

  1. انحسار الاحتلال الصهيوني انحسر مبكرًا عن معظم المناطق السنية وهو ما حفز حزب الله على أن يكون أكثر حضوراً في مشهد المقاومة وكأنه وحده المقاوم.

  2. التفات المكون السنِّي اللبناني إلى قضيته الخاصة كـأقلية سياسية وإعطائها الأولوية حتى على قضية "المقاومة" بدءًا من لحظة اغتيال رفيق الحريري عام 2005 حيث أصبح بند الاعتراف بالمقاومة على بيانات تشكيل الحكومات اللبنانية موضع نقاش من تيار المستقبل وحلفائه للحدِّ من استفادة حزب الله منه في الشأن الداخلي

  3. تعزز هذا الرفض داخل المكون السنِّي بعد اجتياح حزب الله لبيروت عام 2008 ما ألقى ظلالًا كثيفة من الشك حول مفهوم "المقاومة.

المراجع:

  1. موقع الجزيرة على الانترنت ، المعارف.

  2. ويكبيديا ، الموسوعة الحرة.








تم بحمد الله


https://www.mik1111.blogspot.com https://www.facebook.com/kauifi

التعليقات
0 التعليقات

0 الردود:

إرسال تعليق

شكرا لك
بصراحة استفدت كثيرا من هذه التدوينة
ان شاء الله في ميزان حسناتك