أوروبا تمتد بين دائرتي عرض 36 شمالاً من رأس طريفة في أسبانيا, إلى 71 درجة شمالاً في أقصى شمال النرويج . إذا أضفنا الجزر الجنوبية (جزيرة كريت وقبرص وصقلية) فيصبح الامتداد إلى درجة 35 شمالاً. تمتد طولياً من بحر البلطيق أو خليج فنلندا إلى بوغاز برنجسفي نحو 180 درجة طولية تبلغ مساحتها نحو 10.878.000 كم 2 بما فيها روسيا الأوروبية والجز. لا يوجد مكان في أوروبا بعيد جداً عن المكان الآخر في القارة ، وإن كان هذا ليس معناه تشابه أو مقاربة الثقافات والاقتصاد ، فالمسافات القصيرة مع الاختلافات الكبيرة أدت إلى التفاعل ، وكانت هذه من سمات أوروبا عبر مئات السنين . منذ خمسة قرون وأوروبا قاعدة الإنجازات البشرية والاختراعات والتجديد . بها أضخم شبكة مواصلات في العالم بكل أنواعها الطرق البرية, حديدية، نهرية، بحرية, جوية. يبرز الراين والفلجا كأكبر نهرين للنقل, ثم يأتي نهر الدانوب الذي أطلق عليه نابليون "ملك الأنهار" بحمولة أقل. يجري الدانوب في أكبر عدد من الدول أكثر من أي نهر أخر في العالم. الراين ثاني أطول أنهار القارة، وأكثر أنهار العالم حركة ونقلاً فتستخدمه سنوياً نحو 10 آلاف سفينة تنقل ما يقارب من 250 مليون طن من السلع والبضائع. أطلق على موسكو وهي المدينة الداخلية "ميناء البحار الخمسة" بفضل الطرق المائية التي تربطها ببحر البلطيق، بحر أزوف، البحر الأسود، بحر قزوين. حولت قناة مانشستر، مدينة مانشستر الصناعية إلى ميناء مستقبل للسفن المحيطية. علاقة أوروبا حميمة بالبحر هي إحدى خصائصها الفريدة. يعيش 80% من سكان القارة في مدى 150 كم من البحر. كان البحر خير وبركة على سكان القارة منذ ما قبل التاريخ لإسهامه في تنمية التجارة لا بين أجزائها فحسب ، بل بين بعضها والعالم الخارجي. بلغ عدد سكان أوروبا 728 مليون نسمة عام 2003 أو نحو 12% من سكان العالم . دخلت أوروبا المرحلة الديموغرافية التي تتميز بنسب مواليد منخفضة ونسب وفيات منخفضة، مما أدى إلى توازن سكاني أو مرحلة النمو الصفري، وبل أحياناً إلى نمو سلبي، لزيادة نسبة الوفيات على المواليد. متوسط نسبة الوفيات في أوروبا الشرقية يزيد عنه في أوروبا الغربية الشمالية. أدى ثبات نمو السكان، بل واتجاههم نحو النقصان إلى ظهور المشكلة السكانية، والمناداة بزيادة النسل عكس ما يحدث في المناطق الأخرى في العالم كالهند والصين ومصر، كما أدى هذا إلى تشجيع الهجرة في مراحل معينة. الكثافة العامة قدرت بحوالي 67 نسمة كم2. الهرم السكاني مقلوب، وهي القارة العجوز. تعتبر هولندا أكثر الأقطار الأوروبية كثافة، فكثافتها العامة حوالي 425 نسمة كم2 (رغم أنها زراعية) تليها بلجيكا 230 نسمة كم2, بينما يبلغ المتوسط في النمسا 9 نسمات، وثلاث نسمات في استونيا. أوروبا من أكثر القارات حضرية إذ بلغت نسبتها 74% عام 2001 ، على حين أن نسبة الحضرية في العالم 48 % . وصل إنتاجها في أواخر التسعينات من القرن العشرين إلى 33 % من الناتج الإجمالي للعالم ، بينما كان من نصيبها 25 % فقط من هذا الناتج عام 1965 . يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 12320دولار سنوياً. متوسط الأطباء في الدنمارك طبيب لكل 360 نسمة, وفي السويد 309، وفي بلجيكا 298، وفي إيطاليا 250, بينما يصل الرقم في أفريقيا إلى طبيب واحد لكل 15 ألف نسمة تضم أوروبا وحدها مع صغر مساحتها نحو ربع المدن المليونية في أوروبا. انقسمت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية إلى قسمين : (غربية وشرقية وكانت أوروبا الشرقية هي التي تمدد عليها الاتحاد السوفيتي بنفوذه ، وبينها وبين الغرب ستار حديدي ، وكانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية من ناحية وبين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية من ناحية أخرى. حلف شمال الأطلنطي (N.A.T.O) اتفقت 12 دولة عام 1949 على تأكيد دفاعها المشترك وهي (الولايات المتحدة الأمريكية ، كندا ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وبلجيكا ، وهولندا ، ولكسمبرج ، والدنمارك ، والنرويج ، وأيسلندا ، والبرتغال ، وإيطاليا) ووقعت هذه الدول معاهدة شمال الأطلنطي انضمت كل من اليونان وتركيا إلى الحلف عام 1952 ، وتبعهم ألمانيا الغربية عام 1955 .التحقت أسبانيا عام 1972 بحلف شمال الأطلنطي ، ثم انضمت بعد ذلك أربع دول أخرى وأصبح عدد الدول الأعضاء في الحلف 16 دولة, انضمت ثلاث دول كانت في حلف وارسو إلى حلف الأطلنطي وهي التشيك والمجر وبولندا عام 1999 ، بالإضافة إلى أماكن لسبع دول من أوروبا الشرقية عام 2002 وهي دول البلطيق الثلاث (استونيا – لاتفيا – لتوانيا) كما ستنضم سلوفينيا وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا كأعضاء عام 2004 م, وقد أصبح الاتحاد الأوروبي يضم الآن 27 دولة. أوروبا الطبيعية أولاً: التضاريس بها مجموعة من السلاسل الجبلية أهمها: سلاسل الألب هي جزء من سلاسل أخرى تشمل سيرانيفادا في جنوبي أسبانيا ، والبرانس بين أسبانيا وفرنسا . والأبنين في شبه جزيرة إيطاليا وسلاسل الألب الديناريه في يوغسلافيا السابقة وبندس في اليونان ، وهناك قوس الكربات في سلوفاكيا ورومانيا ، ويمتد إلى جبال البلقان في بلغاريا . أعلى سلسة جبلية في أوروبا هي جبال الالب بقممها المتعددة التي تسمو على 4000 متر، وأعلاها في قمة مونت بلان 4807 متر على الحدود الفرنسية الإيطالية. يبلغ طول سواحلها نحو 80500 كم . لا يوجد في أي قارة أخرى جزر وأشباه جزر بهذا العدد باستثناء أسيا. أوروبا أشبه بشبه جزيرة مكونة من أشباه جزر Peninsula of Peninsulas : في الشمال شبه جزيرة اسكندناوه (السويد والنرويج) ، جوتلند (الدانمرك), الجزر العديدة في الشمال جزر سبتزبرجن, ونوفا زمليا، وإيرالندا والهبدريدز وشتلند، وجزر القنال الإنجليزي، كجزيرة مانلا في البحر الأيرلندي ، وجزر الفارور، وأيسلندا في الشمال الغربي، وجزر بحر البلطيق. بريتاني في فرنسا وفي الجنوب أيبريا في أسبانيا والبرتغال، وإيطاليا، واليونان, وجزر البليار، وكورسيكا، وسردينيا، وصقلية، وكريت، ومالطة، وجزر اليونان في البحر المتوسط . الجزر البريطانية ذاتها كانت من أشباه الجزر حتى طغى البحر على مضيق دوفر منذ بضعة آلاف من السنين ، ثم كانت امتداد أذرع من المحيط داخل اليابس الأوروبي ممثلة في بحر البلطيق ، بحر الشمال ، البحر المتوسط ، البحر الأدرياتي وبحر إيجة ، هذه كلها تتوغل في القارة لمسافات بعيدة. ثانياً: المناخ قارة الأعاصير، فلا يوجد جزء في أوروبا خارج تماماً عن نطاق الأعاصير. متوسط درجة حرارة الصيف متقاربة في أجزائها تتراوح بين 15 م ، 24 م. متوسط درجات الحرارة في فصل الشتاء تتراوح بين 10 م في جنوبي أسبانيا واليونان إلى أقل من الصفر في شمالي السويد . يستمر النهار في لندن وكوبنهاجن نحو 16.5 ساعة في منتصف الصيف, حتى إذا ما وصلنا إلى القطب الشمالي نفسه نجد طول النهار قد بلغ 6 شهور في ذلك الفصل ، وعلى العكس في الانقلاب الشتوي يقل عدد ساعات سطوع الشمس كلما اتجهنا شمالاً من 9 ساعات في روما إلى اختفاء الإشعاع الشمسي حول القطب الشمالي. يمكن تقسيم المطر في أوروبا بسبب حدوثه إلى ثلاث أنواع : المطر التضاريسي الأمطار الانقلابية (التصاعدية) : ينشأ عن تصاعد الهواء نتيجة ارتفاع درجة حرارة الهواء الملامس للأرض فتحدث عمليات تبريد تكفي لحدوث التكاثف ثم سقوط الأمطار ، وهذه الأمطار تعرف بالأمطار التصاعدية أو الانقلابية . الأمطار الإعصارية : نتيجة التقاء التيارات الباردة والساخنة . يبلغ متوسط كمية الأمطار السنوية 64 سم ، ثم تقل الأمطار في برلين إلى 50 سم ، وفي وارسو 49 سم ، وفي موسكو 46.5 سم ، أما في الشرق فتنخفض كمية الأمطار انخفاضاً كبيراً حيث تهبط إلى نحو 15 سم في مدينة أسترخان الواقعة في دلتا نهر الفولجا . الأقاليم المناخية في أوروبا الإقليم القطبي: يسود هذا المناخ في مساحات صغيرة محدودة في أقصى شمال شبه جزيرة إسكنديناوة, وفي نطاق ضيق عبر سواحل شمال روسيا وعلى شمال جبال أورال الإقليم البارد: يسود في منحدرات السويد إلى شمالي روسيا. الإقليم المعتدل البارد: يوجد في غرب أوروبا, ويشمل الجزر البريطانية ، والدنمارك ، وبلجيكا ، وغرب فرنسا وشمال غربي أسبانيا. الإقليم الانتقالي المعتدل البارد: ويسود في وسط أوروبا, ويشمل وسط وشرقي فرنسا ، وألمانيا وسويسرا، وغرب بولندا. الإقليم القاري المعتدل البارد: ويسود في شرقي أوروبا, ويشمل رومانيا ، وبلغاريا ، وشرق بولندا ، وروسيا . إذ ينخفض متوسط الحرارة إلى – 15 م شتاء ، على حين ترتفع حرارة الصيف إلى 21 . الإقليم المعتدل الدفئ: ويسود في إقليم البحر المتوسط, يتميز مناخ هذا الإقليم في جنوبي أوروبا بحرارة الصيف التي تزيد على 21 م ، ودفء الشتاء الذي لا تنخفض عن 6 م . وتسقط أمطاره شتاء أما صيفه فهو جاف . ثالثاً: أوروبا الزراعية الخنزير هو الحيوان الرئيس ويتركز في الدنمارك وشمالي ألمانيا وهولندا وبلجيكا. تعتمد أيضا على الأسماك, لان بها أهم مصائد الأسماك في العالم, التي تمتد من أقصى شمال النرويج حتى سواحل المغرب. عرفت أوروبا الزراعة متأخرة, قبل 4000 ق.م, في الجنوب الأوروبي. تشكل الأراضي الزراعية والغابات نحو 90 % من المساحة. تضم أوروبا نحو 20% من المساحة المزروعة في العالم. بينما لا تصل هذه النسبة في أفريقيا إلى 13% . قارة الاستثمارات الزراعية, والتنوع المناخي. أوروبا تنتج غذائها خاصة في جزئها الغربي ووسطها. الزراعة فيها مدعومة حكومياً. نصيب البقرة السويسرية من الدعم الحكومي سنوياً 1560 دولار،و ترصد الحكومة النرويجية دعماً للبقرة النرويجية 1313 دولاراً. متوسط دعم البقرة في الاتحاد الأوروبي 435 دولاراً . (يعادل دعم البقرة السويسرية ثلاثة أضعاف ونصف دخل الإنسان الأفريقي – من تقرير منظمة الأغذية والزراعة FAO ) تأتي أوروبا في المركز الثاني بين القارات إنتاجاً للقمح بعد آسيا. يتراوح إنتاجها من القمح بين ثلث وربع الإنتاج العالمي نظراً لارتفاع إنتاجية الفدان. يزرع القمح الشتوي في دول البحر المتوسط, بينما يزرع القمح الربيعي في روسيا واكرانيا في شرقي أوروبا كما تأتي فرنسا كالمنتج الأول في غربي أوروبا ، وتعتبر فرنسا وألمانيا وروسيا دول مصدرة للقمح . رابعاً: الموارد الطبيعية: الفحم : تأتي المملكة المتحدة وألمانيا وروسيا كدول رائدة في إنتاج الفحم والفحم الأسمر أو اللجنيت وله أهمية بالغة في ألمانيا ودول وسط أوروبا ، وتسهم ألمانيا في هذا النوع بالذات نسبة عالية .وكانت هناك تجارة رائجة للفحم بين الدول الأوربية قبل استخدام البترول والغاز الطبيعي. البترول والغاز الطبيعي : لم تكن هناك إلا دولة واحدة في أوروبا بها بترولاً باستثناء الاتحاد السوفيتي السابق ، وهي رومانيا منذ نصف قرن ، ولكن الاكتشافات الحديثة أدت إلى ظهور البترول في ألمانيا والنمسا وهولندا وفرنسا وإيطاليا ويوغسلافيا ، دع عنك بحر الشمال الذي ينقسم إلى قطاعات إقليمية بين الدول المطلة عليه ، وكان للنرويج والمملكة المتحدة فيه نصيب الأسد ، أما روسيا ففيها احتياطي وإنتاج ضخم من البترول والغاز ، من ثم فهي مصدرة له خاصة إلى دول غربي أوروبا. القوى الكهرومائية : تأتي السويد والنرويج وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وسويسرا وأسبانيا وروسيا في المقدمة. خام الحديد: 85% من إنتاج الحديد والصلب في العالم يأتي من ست دول فقط ، فللولايات المتحدة الأمريكية وحدها تنتج النصف نحو، ثم الدول الخمس الباقية أوروبية وهي روسيا ، والمملكة المتحدة ، وألمانيا وفرنسا وبلجيكا, ولكن ليس معنى هذا أنه من المفترض أن تكون هذه الدول منتجة لخاماته. أوروبا البشرية أولاً: أوروبا العرقية تضم سلالات متعددة وإن كانت السلالة القوقازية هي الغالبة. تتوزع السلالات كالأتي: السلالة النوردية: ذات الرؤوس الطويلة وتنتشر في هولندا واسكتلندا أي شمالي وغربي أوروبا. سلالة البحر المتوسط: التي تتميز بالرأس الطويل ، فيوجد على الخصوص في شبه جزيرة أيبيريا ، وفي القسم الجنوبي من شبه جزيرة إيطاليا ، وفي جزيرتي كورسيكا وسردينيا ، وفي الجزر الأخرى الواقعة في غربي البحر المتوسط . أما الشعوب التي تتميز بالرؤوس المتوسطة ، والبشرة التي تميل للسمرة والشعر الداكن. السلالة الدينارية: تتميز بالعيون البنية, واستدارة الرأس وطول القامة, وتتركز في شمال إيطاليا وجنوب فرنسا, وفي القسم الغربي من شبه جزيرة البلقان ، وفي سهل لمبارديا ، وفي مرتفعات الألب الشرقية. السلالة الألبية: ذات الرأس العريض وتنتشر في منطقة جبال الألب. بها أقليات متنوعة مثل الفن في الشمال, المغول في الشرق، الأفارقة فضلاً عن المهاجرين من جنوبي وشرقي أسيا . المهاجرون من أوروبا: قدر أن الذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية واستراليا وحدهما نحو 60 مليون نسمة منها, أثناء الحرب العالمية الأولى، وشاركت في هذه الهجرة معظم الدول الأوروبية. تصدرت أيرلندا الدول الأوروبية في الهجرة. ثلث المهاجرين رجع إلى أوروبا مرة أخرى. كان لدول غربي وشمال غربي القارة نصيب الفيل في هذه الهجرات بفضل اعتيادهم على ركوب البحر ومهارتهم البحرية بل وكانوا الأوائل، بينما تأخر مهاجرو شرقي القارة وجنوبيها إلى أواخر القرن 19 وأوائل القرن العشرين. المهاجرون إلى أوروبا: خلال سنوات الستينات والسبعينيات من القرن العشرين فتحت ألمانيا حدودها على مصراعيها لاستقبال العمال الأجانب من تركيا ومن أوروبا الجنوبية ، وأطلقوا عليهم العمال الضيوف ، بلغوا نحو 4 ملايين نسمة نصفهم من الأتراك . استقبلت فرنسا نحو مليون مستوطن فرنسي كانوا يعيشون في الجزائر عقب استقلالها. استقبلت هولندا نحو 300 ألف إندونيسي عندما أجبرت على مغادرتها. استقبلت المملكة المتحدة مواطنين من كينيا وأوغندا والهند وباكستان وجزر الهند الغربية ثانياً: أوروبا الحضرية الطبيعة التوسعية : توسعت الحضارة الأوروبية باستمرار إلى الخارج في أثناء عملية النمو الاقتصادي ، والاجتماعي الحديث ، ولذا يطلق عليها اسم الحضارة الزرقاء، حيث يمثل اللون الأزرق المحيط الذي يغري بالمغامرة والعدوانية والفتح. سيطرت هولندا وأسبانيا وبريطانيا وفرنسا على التوالي على العالم وأثناء ذروة النمو الرأسمالي الغربي أخضعت مساحات كبيرة في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وجعلتها مستعمرات أو أشباه مستعمرات، ونشرت فيها نمط الحياة الغربية ونظمها الاجتماعية. الفردية : الفردية أهم قيمة في الحضارة الغربية, وهي علامة هامة على هذه الحضارة. كانت الفردية سلاحاً فكرياً استخدمته الطبقة الرأسمالية الأوروبية الصاعدة لتواجه استبداد وظلم النبلاء الإقطاعيين . في الغرب ينادون بحق التحرر الفردي والاختيار الفردي وبالحرية والسعادة الفردية. أصبحت الفردية الغربية مقياساً للتحضر وأصبحت الفردية قيمة عالية للشعور بالأهمية الذاتية. الليبرالية أو الحرية (لهم وليست لنا): إن الفردية والليبرالية هما توأما الحضارة الغربية ، ومفهوم الحرية هو الفكرة الرئيسية وعماد الحضارة الغربية ، ولكن الحرية هذه لهم وليست لنا أنظر ما فعله المستعمرون من قتل وحبس ونفي ومصادرة للأراضي ، والآن المنادة بالسوق الحر والتجارة الحرة والمنافسة الحرة . وهذه بدورها لأنها في صالحهم حتى تفتح لهم أسواق العالم دون حماية فيصبح سوقهم ليس بسوق دولة معينة ، وإنما هو سوق العالم . النفعية : إن المبدأ الأخلاقي في الحضارة الغربية هو السعي إلى إيثار المصلحة الخاصة وتظهر النفعية على أنها أحياناً "المثالية" وأحياناً الواقعية أي السعي فقط إلى المنفعة والمصلحة ، حتى لقد قال أحدهم قال إن الغربيين عندما كانوا يفتحون العالم حاربوا ليس من أجل الله كما يدعون وإنما من أجل الذهب. تحديات القارة ازدياد الأزمات الاجتماعية. ازدياد معدلات الانتحار. تناول المخدرات. العنف، والجريمة. النزاعات العرقية تفكك يوغسلافيا السابقة إلى خمس دول (بوسنة وهرسك ، صربيا والجبل الأسود ، كرواتيا ، سلوفينيا ، مقدونيا) بل وهناك شد وجذب بين الصرب والجبل الأسود فيما يختص بالألبان الذين يعيشون في كوسوفو مطالبين الاستقلال. الصراع على إقليم الباسك والمطالبة بالانفصال عن أسبانيا وهناك المشكلة الايرلندية الكاثوليكية في أيرلندا الشمالية. الصراع في بلجيكا بين الوالون (الناطقون بالفرنسية) والفلمنك (الناطقون بالألمانية). الجزر البريطانية تتكون الجزر البريطانية من جزيرتين كبيرتين ، جزيرة بريطانيا (العظمى) المثلثة الشكل ، الكثيرة التعاريج ، فضلاً عن عدة جزر صغيرة مثل شتلاند وهبرايدز في الشمال وجزر مان في الغرب ، ووايت ، وسيللي في الجنوب . وتبلغ مساحة هذه المجموعة 230 ألف كم2 ، أما جزيرة أيرلندا فلا تزيد مساحتها على 83 ألف كم2 ، أي أن مساحة الجزر البريطانية مجتمعة 313 ألف كم2 ، ممتدة بين درجتي عرض 50 ، 60 شمالاً . بريطانيا بروتستانتية والأيرلنديين كاثوليك ، ولهذا اضطرت المملكة المتحدة أن تعطي لأيرلندا استقلالها عام 1921 فيما عدا القسم الشمالي . وانفصلت أيرلندا أيضاً في عام 1949 عن مجموعة دول الكومنولث البريطانية ، ولم تشترك في الحرب العالمية الأخيرة . تنفصل عن صلب القارة بمسطحات مائية ضيقة ، وتبلغ أكثر ضيق لها في مضيق دوفركالية ، بينها وبين فرنسا حيث لا يزيد عرض بحر المانش على 30 كيلو متراً ، وقد مد فيه الآن نفق تحت الماء وأصبحت بريطانيا متصلة بالسيارات والسكك الحديدية مباشرة بفرنسا ، وبلجيكا ، وبالتالي ببقية أوروبا . البحر حماها من مشكلات القارة ولكن فتح العالم أمامها لها سواحل طويلة تزيد على 30 ألف كيلو متر ، لأن كثيراً من سواحلها مغمور كثير التعاريج خاصة في قسمها الغربي حيث لعبت الانكسارات فضلاً عن التعرية الجليدية دورها في تشكيل ما يشبه الفيوردات التي تعرف في اسكتلندا باسم لوخ ، وأمثلتها كثيرة : خليج بريستول ، وخليج ليفربول ، وخليج كلايد وغيرها ، وبلغ عدد الموانئ نحو 500 ميناء . حققت بريطانيا أكبر إمبراطورية بحرية عرفها التاريخ ، فكانت في أوجها تضم ربع سكان العالم ، وتغطي 27 مليون كم2 أي قدر مساحة بريطانيا 142 مرة ، ولذلك أطلق عليها الإمبراطورية التي لا تغرب عليها الشمس ، وعرفت بريطانيا أنواع الاستعمار الثلاثة الاستراتيجي ، كما في جبل طارق ، ومالطة ومصر وقبرص ، وعدن ....إلخ وسكني كما في استراليا وكينيا ، والاستغلالي كما في نيجيريا والهند . بريطانيا لم يستطع أحد أن يغزوها منذ الفتح النورماندي (منذ 9 قرون) وحتى الآن . انتهت هذه العزلة البحرية بفضل نفق بحر المانش الذي افتتح عام 1994 .
بقلم محمد الكويفي
اعلامي ومدون من غزة -فلسطين- ماجستير ادارة إعلام، بكالوريوس صحافة واعلام، دبلوم تكنلوجيا معلومات، دبلوم لغة انجليزية في الصحافة والسياسة، مدرب اعلام وانتاج ....
0 التعليقات
