لماذا يضعف الدولار و يهبط الذهب في نفس الوقت ؟؟
سؤال يطرحه الناس و هو سؤال منطقي جدا لأن العلاقة الطبيعية أن الذهب يتحرك عكس الدولار...
الأمور تصبح أوضح إذا رأيتم الصورة الأشمل و مفتاح الأمر كله يتلخص في كلمة السر التالية : " السيولة "....
الأمر يشبه أن تمتلك مبلغا من المال ..مليون دولار و تتاجر فيها و حين تخشى من الخسارة يكون همك أن تحافظ على قيمتها...
يمكن أن تحولها أسهم مثلا فتربح إذا ارتفعت و عند نقطة معينة تبيع الاسهم و تشتري عملة أخرى يورو مثلا او شيكل و في الحالتين فإن قيمة الدولار تنخفض امام الاسهم التي ترتفع او اليورو او الشيكل..و هكذا...
و إذا بدأت قيمة الاسهم في الهبوط أو اليورو فإن قيمة الدولار ترتفع طبعا فتسارع بإعادة رأس المال إلى الدولار..
و إذا أردت ان تحافظ على قيمة رأس المال فإنك تشتري الذهب كملاذ آمن لا تخاطر فيه بربح و لا خسارة...
إذن..بعد هذه المقدمة التوضيحية يمكن ان تتخيلوا ما يحدث...
حزم التسهيلات المالية الهائلة التي قدمتها الحكومة الأمريكية تسببت في توفر سيولة نقدية مرعبة من الدولار تم استثمارها مبدأيا في الأسهم و السندات..
ارتفعت قيمة الأسهم بالتالي و انخفضت قيمة الدولار في المقابل...
انتقل جزء من السيولة النقدية إلى الذهب فارتفعت اسعار الذهب و انخفضت قيمة الدولار...
و لكن أسعار الأسهم و الذهب لا يمكن أن تواصل الإرتفاع إلى مالانهاية و من استفادوا من الشراء يريدون جنى الارباح و بيع جزء من الأسهم و الذهب و تحويلها إلى دولار مرة أخرى فتزيد كمية السيولة مرة أخرى و تنشأ نفس المشكلة..
لهذا يصبح الخلاص من هذه السيولة المتراكمة و تأمينها هدفا للبنوك الضخمة و الحيتان ..فأين يحولونها..؟
البيتكوين..
بدأوا يحولون جزء من السيولة نحو البيتكوين فبدأ في الارتفاع الجنوني و الذي يبدو أنه سوف يستمر في المدى القريب..و ساهم في المزيد من الانخفاض للدولار في المقابل...
تمام..و لماذا الذهب ايضا..؟
لأن الذين استثمروا في السندات الأمريكية ايضا فوجئوا بعائدات هائلة..
إذن..تحويل السيولة إلى الأسهم..و السندات..و البيتكوين أنتج عائدات كبيرة تزيد من شهية المخاطرة و تجعل من الذهب مجرد تجميد لسيولة لا داعي لها..و بالتالي يتم تسييل الذهب أيضا و تحويل قيمته بالدولار إلى البنود الأكثر ربحا التي ذكرناها آنفا..
كل العمليات التي تتم هنا تضغط طبعا على الدولار و تقلل من قيمته..و هي أسفرت و للمفارقة عن تخفيض قيمة الذهب أيضا..
إذا أضفنا لكل ما سبق عاملين مهمين ..
**نسبة الفائدة المركزية التي اقرها الفيدرالي تقترب من الصفر و بالتالي تفتح الطريق لقروض ميسرة جدا بفائدة هزيلة...مزيد من السيولة و ضعف للدولار...
** انخفاض قيمة الدولار يفيد الاقتصاد الأمريكي من ناحية التصدير و تجعل المنتجات الأمريكية اكثر تنافسية في العالم..و تخفف في الوقت نفسه من قيمة الديون المستحقة عليها من دول العالم...
حين تنظرون للأمور هكذا قد تصبح التوقعات أكثر واقعية للفترة القادمة...
الذهب قد يستمر في الهبوط مؤقتا إلى حين استنفاذ الأهداف المتوقعة للبيتكوين و الأسهم..و بعدها سوف تتحول السيولة ثانية نحو الملاذ الأكثر أمنا..الأصفر الثمين..و يعود للتألق في الأعالي...
قد تستغرق العملية أسابيع او أشهر قليلة معدودة ثم تعود الأمور إلى سيرتها الأولى...
ذهب يكسر الأرقام في الأعلى..و دولار ضعيف يجاهد بعنف ضد غرق مقصود..
م أيمن جمعة
بقلم محمد الكويفي
اعلامي ومدون من غزة -فلسطين- ماجستير ادارة إعلام، بكالوريوس صحافة واعلام، دبلوم تكنلوجيا معلومات، دبلوم لغة انجليزية في الصحافة والسياسة، مدرب اعلام وانتاج ....
0 التعليقات
