شخصية الباحث
بروز شخصية الباحث وبصمته وصوته العلمي بصورة سليمة يعد نقطة مهمة من نقاط تقييم البحث #إيجابا.
وظهور شخصية الباحث لا يكون بالإكثار من قول: "قلت" أو باستعمال ضمير المتكلم "أنا" أو "نحن"، وتفخيم الذات، وإنما يكون بإبداء الرأي المعلل هل يتفق أو يختلف مع أفكار من سبقه، وبطريقة تحليله ونقده للأمور وربطه لها، ومحاكماته العقلية لها، وبحسن العرض، وطريقة التناول.
لا يعد البحث تجميعا للمواد العلمية والمعلومات دون قراءتها وفهمها وتمحيصها ومقارنتها وفق المعايير العلمية والمنهجية الأكاديمية لكتابة البحوث.
ولو دققنا في مفهوم #الأطروحة باللغة العربية لوجدناها ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصية الباحث في البحث، لأنها تعني بأن يطرح الباحث شيئاً في البحث طرحاً من عنده ومن قوله وبنات أفكاره معتمداً على من سبقوه في مجاله. بينما باللغة الانجليزية #Thesis تعني بأن يكون للباحث موقفاً تجاه #قضيةٍ ما يتبناه ويثبته عنه علمياً بموضوعية دون تحيز.
ولهذا لا بد من ظهور شخصية الباحث في بحثه بدءاً من اختيار الفكرة البحثية وتحديد موضوع البحث حتى يصل إلى خاتمة بحثه.
والمشكلة التي تواجه بعض الباحثين تكمن في أنهم يستصعبون كيفية إظهار شخصياتهم في بحوثهم وكأن الأمر معجزة بحثية أو صعوبة غير قابلة للحل. كما أن هناك فهماً مغلوطاً لدى البعض من الباحثين يتمثل في أن ظهور شخصية الباحث في بحثه يؤثر في موضوعية البحث. كما أن بعض المشرفين قد لا يقبل من الباحث أن يكتب رأيه في البحث ويقول له من أين لك هذا؟ ولهذا يغلب في بحوثنا استخدام "قام الباحث" و توصل البحث" وغابت شخصية الباحث ولم تظهر مفاهيمه وتفسيراته لما يدور في بحثه. وظهور شخصية الباحث عملية ليست بالصعبة، كما أنها لا تحتاج لمهارات تعلم معقدة، بل أن كل ما يحتاجه الباحث هو إدراك وفهم لأدواره تجاه ما يطرح ويكتب وكذلك استقراء علمي لما يكتبه الآخرون في مجال بحوثهم عندما يقرأ عنهم أو يقتبس منهم.
في أي جزء تظهر #شخصية_الباحث؟
الباحث المتميز تظهر شخصيته وصوته العلمي من خلال قدرته التحليلية والنقدية خلال مراحل جمعه مراجع بحثه وكذلك خلال مراحل كتابته لبحثه لكل فصل من فصول البحث بدءاً بالمقدمة ومروراً بالأدب البحثي والدراسات السابقة ومنهجية وتصميم البحث وأدوات جمع البيانات وعرض النتائج وتحليلها ومناقشتها.
ولهذا فإن شخصية الباحث تظهر في الخطوات البحثية التالية:
1- اختيار مجال البحث وموضوعه: ينبغي أن يختار الباحث موضوعا يستطيع أن يكتب فيه من خلال طرح رأيه وخبراته بطريقة علمية يستطيع توظيفها وربطها بخبرات الآخرين من خلال بحوثهم ودراساتهم. ولهذا أنصح الباحثين بأن تكون عملية اختيار الموضوع مبنية عن قناعة وإدراك بأن هذا المجال البحثي سيكون هو تخصص الباحث الذي من خلاله يوظف مهاراته البحثية والعلمية والمنهجية خلال سنوات دراسته العلمية وكذلك فيما بعد الدراسة خلال حياته العملية والبحثية المستقبلية.
2- القراءة العلمية وتحديد المراجع: تظهر شخصية الباحث هنا عند تحديد القراءات البحثية في مصادر البحوث ومراجعها بحيث ينتقي من البحوث ما يراعي المنهجية العلمية والمعايير التي تبنى عليها والتي تهم مجال بحثه.
3- الاقتباس: تظهر شخصية الباحث في هذه الجزئية بطريقتين. الأولى عند اختيار الاقتباس والثانية عند كتابة الاقتباس والاستشهاد به في بحثه. فينبغي أن يراعي الباحث ما سيقتبسه وأنه يخدم الفكرة التي يناقشها، إما موافقة أو مخالفة ويكون لها علاقة مباشرة بالنقطة التي يوظف النص المقتبس فيها. كما ينبغي على الباحث أن يحلل كل ما يقتبسه عندما يورده ولا يورد شيء إلا وهو يربطه ربطاً علمياً ويوظفه توظيفاً سليماً. فالباحث ليس ناقلاً للمعلومات دون نقاشها واستعراضها استعراضاً علمياً. ومما يسهم في إبراز شخصية الباحث أن يعرف اختيار طريقة الاقتباس الأنسب لكل فكرة هل هو اقتباس نصي أو بتصرف. ويجب ملاحظة أن #الإفراط في النقل والاقتباس أو الاقتباس لمجرد الاقتباس يضيع بصمة الباحث وصوته.
4- الكتابة العلمية: تتميز كتابة البحث العلمي بمراعاتها للعلمية والمنهجية البحثية. ومع هذا فإن شخصية الباحث تعتبر من أهم المعايير التي ينبغي أن تظهر في كل تفاصيل البحث وجوانبه. بل إنها جزء لا يتجزأ من المنهجية العلمية. فإذا غابت شخصية الباحث في كل فقرة من فقرات بحثه فإن ذلك يعد خللاً في البحث، مما يجعل البحث يتسم بالوصفية والسرد الموضوعي دون عملية الربط العلمي والعمق التحليلي لكل ما يكتبه الباحث.
فالبحث ليس فقط إيراد للأقوال والاستشهادات دون نقدها أو تحليلها أو ربطها بغيرها.
5- مناقشة مجتمع البحث: يكتب بعض الباحثين مجتمع البحث بطريقة وصفية بحيث يسرد ما يرى به سردا موضوعيا أو في شكل تعداد نقطي. وهنا نجد أن الباحث التزم بالتوثيق العلمي لكنه فقط سرد تلك الأهداف دون أن يظهر شخصيته البحثية والتخصصية من خلال الرابط والتحليل والاستقراء...
6- مناقشة التراث العلمي:
يرى البعض من الباحثين أن هذا الفصل هو تجميع لما تمت كتابته حول موضوع البحث ومجاله بطريقة علمية دون إبداء رأي الباحث على ما يكتب. ويعد هذا فهماً خاطئاً. والصواب هو أن يظهر الباحث شخصيته في كل فقرة يكتبها.
7- تفسير نتائج البحث: هنا تبرز شخصية الباحث أيضا بطريقة تفسيره وإبداء آرائه بأسباب توافقها أو اختلافها مع نتائج غيره.
كيف يبرز الطالب شخصيته في بحثه؟
أ- إبداء الموافقة مع المعلومة التي ينقلها من المرجع.. فيقول: واتفق معه في كذا وكذا..
ب- إبداء المخالفة لتلك المعلومة.. فيقول: وأخالف صاحب هذا القول في كذا وكذا.
ج- الجمع بين الآراء فيقول: وهذا الرأي يتفق مع الرأي الآخر في كذا وكذا ويختلفان في كذا وكذا..
-ومن المهم التركيز على مسألة الموافقة أو المخالفة.. بأن تكون بأسباب واضحة وتعليلات راجحة.. فيقول مثلاً: أتفق، أو أختلف مع ذلك وهذا لما يلي:...، فلابد أن يبرر سبب اتفاقه أو اختلافه.
د- يجب أن يتقن الطالب استخدام علامات الترقيم، ويسهل التمييز بين كلامه واقتباساته وألا يفرط في الاقتباس، ولاسيما من مصدر واحد.