نيكول برناردو ميكافيلي
Niccolò di Bernardo dei Machiavell
ولد وتوفي ميكافيلي في فلورنسا، كان مفكرا وفيلسوفا سياسيا في عصر النهضة.
أصبح ميكافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عصب دراسات العلم السياسي. نفي وعزل عن المناصب في الفترة 1512 – 1520 وفيها ألف كتي عدة من أشهرها على الإطلاق، كتاب الأمير، وكتاب فن السياسة وكتاب فن الحرب
كتاب الأمير
ألف ميكافيلي كتاب الأمير عندما كان رهن الإقامة وانتهى من تأليفه عام 1514 وقرر اهداءه للحاكم ميديسي الذي اقاله من مناصبه السياسية ليستفيد منه لإطله فترة حكمه على طريقة كيفية التعامل مع الخصوم السياسيين وتصفيتهم والتعلم من أخطاء الملوك والأمراء السابقين.
لكن غرض ميكافيلي الحقيقي لإهداء الكتاب هو التقرب للحاكم وارضاءه ليعفو عنه ويعيده الى موقعه السياسي السابق حيث ذكر عند اهداءه للكتاب (فتشت في ممتلكاتي المادية والاعتبارية لأقدم جزاء منها هدية لك فلم أجد بينها أثمن من كتاب الأمير الذي قررت اهدائه لك لفراءته والاستفادة منه في تعزيز موقعك السياسي واطالة مدة حكمك .... فرجاء التمس فخامتكم قبول الهدية مقرونه بمشاعر الود والاحترام)
ولكن عندما قرأ الحاكم كتاب الأمير وجده مليء بالخدع والجرائم غضب وأطلق على كتاب الأمير لقب كتاب الشيطان وطلب حرقه ونفي ميكافيلي الى جزيرة بعيدة
أما كتابي (فن السياسة)، (فن الحرب) فقد:
احتويا أفكار وطروحات وطنية وقومية تتلخص بكيفية توحيد إيطاليا وتصفية عوامل الانقسام التي كانت تعاني منها وضرورة العمل على تحقيق الوحدة الإيطالية
يوضحان السبل التي يمكن ان يعتمدها الايطاليون في إزالة فرقتهم وانقسامهم وتحقيق المصالحة الوطنية التي تضمن وحدتهم وفهر اعدائه
طبيعة النفس البشرية كما يراها ميكافيلي:
يرى ميكافيلي أن النفس البشرية شريرة وبائسة ومتدنية وذلك بسبب النزعات والميول الحيواني الغير مهذب ودليل ذلك ان الانسان مستعد لإظهار طبيعته الحقيقية اللاأخلاقية عندما تتيح له الفرصة لذلك فهو ميال نحو الطمع والجشع والاقتتال مع الأخرين لإشباع غريزته وحب الظهور والسيطرة.
وارجع ميكافيلي اتصاف النفس البشرية بصفات الكذب والنفاق والنميمة والوشاية والغرور والتعالي الى اتسام الانسان بالوحشية منذ بداية حياته فترجع الى الوراثة من الاسلاف والاباء التي لا يمكن التحرر منها بسهولة
سبل تطبيع النفس البشرية:
يرى ميكافيلي انه من الصعب تطبيع النفس البشرية الا بأساليب قاسية وحازمة مثل الضغط والشدة والنغف وحتى الحرمان والتجويع وذلك لان هذه الأساليب تكفل للأمير تحرير الحاشية والناس العوام من امراضهم النفسية والاجتماعية وتجعلهم مطيعين ملتزمين وجيدين في قيمهم وسماتهم.
ويرى ان أساليب الديموقراطية والحرية والاحترام والتقدير والشفقة والعطف لا يمكن ان يكون مؤثر في تطبيع النفس البشرية ويرى ان هذه الأساليب تجعلهم أكثر نقما على المسؤولين وتدفعهم الى عدم احترام من يخدمهم
كما ويعتقد ميكافيلي ان أساليب القسوة والعنف لا تصلح النفوس الشريرة بل تفعهم الى العمل المتميز وعدم استخدام الأمير لأساليب العنف والفسوة تجعل الحاشية تتكاسل عن أداء العمل المطلوب منهم
أصول نشوء المجتمع البشري عند ميكافيلي:
يقول ميكافيلي أن الناس في البداية كانوا قليلو العدد منعزلين عن بعضهم البعض يعيشون كالحيوانات الكاسرة وذلك لان قويهم يسيطر على ضعفهم حتى يضعف ويسيطر عليه شخص اقوى منه بمعنى سيادة قانون الغاب (بقاء القوة للأقوى).
يعتقد ميكافيلي أن سبب سيادة قانون الغاب هو الغريزة العدوانية المتأصلة في الانسان وحب الظهور والسيطرة على الاخرين ونتج عن هذه الغريزة انقسام الجنس البشري الى مجموعتين: الأقوياء والضعفاء.
يقول ميكافيلي انه عند زيادة الجنس البشري قرر البشر انهاء قانون الغاب من خلال اختيار الأقوى والاشجع بينهم ليكون حاكما عليهم وعقدوا العزم على طاعته وتنفيذ أوامره، ومع ظهور الحكام اكتشف ان هناك صنفين هم الجيدين والرديئين.
الحكام الجيدين هم الذين يستعملون أساليب البطش والقوة مع الناس ليحرروهم من طبيعتهم الشريرة، أما الحكام الرديئان هم الذين يعتمدون الطرق الديمقراطية والمتساهلة مع الناس التي لا تحررهم من صفاتهم الشريرة والبائسة
مفهوم عدالة الحاكم مع الرعية في فكر ميكافيلي:
مفهوم العدالة في فكر ميكافيلي:
هي اعتماد السلوك الذي يتناسب مع الشيء أو الحدث الذي يتصرف الحاكم أو الأمير أو الملك تجاهه.
مفهوم الظلم في فكر ميكافيلي:
هو التصرف مع الشي بطريقة تتناقض مع خصوصيته وطبيعته.
وعليه فان الأمير يكون عادلاً مع الرعية وناجحاً في حكمه:
إذا استعمل معهم أساليب العنف والارهاب والتنكيل لأن هذه الأساليب تتناسب مع طبيعتهم الشريرة واللاإنسانية والبائسة ويمكن أن تخلصهم وتحريرهم من سمات الشر والبؤس والفساد.
ويكون الأمير ظالماً في تصرفه مع الرعية:
إذا استعمل الأساليب الديمقراطية والانسانية والمتساهلة معهم لأن هذه الأساليب بنظره لا تتفق مع طبيعتهم الشريرة واللاأخلاقية.
البخل وموقعه لدى الأمير في فكر ميكافيلي:
بقول ميكافيلي ان البخل يجعل الأمير غنياً وميسوراً، بل ويجب على الأمير ان جمع الثروات وان يحافظ عليها بكل الطرق. وعلى الأمير ان ينفق الأموال على الجيش لان ولاء الجيش يجعلهم يحمونه ومخلصين لأمره. كذلك فان الأمير لابد من ان يقوم بأنشاء مشاريع خدمية وانتاجية.
الكرم وموقعه لدى الأمير في فكر ميكافيلي:
يعتقد ميكافيلي ان الكرم يجعل الأمير يبذر الأموال ويهدرها في غير مكانها, مما ينتهي الى إفلاس الحاكم وفقره مما يضطره إلى الاستحواذ على أموال الرعية ومصادرة ممتلكاتهم وفرض الضرائب عليهم وهذا يجعل الرعية تكره الحاكم مما يدفعهم إلى التآمر عليه وإسقاط حكمه, وبناء على ذلك فان الكرم يجب ان لا يكون له مكان لدى الأمير.
الديمقراطية والدكتاتورية في فكر ميكافيلي:
يعتقد ميكافيلي أن الدكتاتورية والديمقراطية هما نظامان سياسيان يتعاقبان الواحد بعد الاخر ذلك بأن الديمقراطية تنتهي بالدكتاتورية وأن الدكتاتورية تنتهي بالديمقراطية.
ويعتقد ميكافيلي أن الحاكم في السابق كان ديمقراطياً يؤمن بالحرية ويسمع لآراء الاخرين ويمنحهم حرية التعبير عن الرأي وإن لم يكن كذلك فإن الناس لن ينتخبوه ذلك وأن الحاكم الدكتاتوري يكون ظالما وقاسيا مع الأتباع ويؤمن بالمركزية وتقييد الحريات والاستبداد بالرأي واستعمال الشدة والبطش والقسوة مع الأفراد لذا يبتعد عنه الناس ما استطاعوا لذلك سبيلا.
يقول ميكافيلي ان هناك تعاقب بين الديمقراطية والديكتاتورية بنظرية بسيطه هي كالتالي:
او العكس ان يبدأ بالدكتاتورية وينتهي الى الديمقراطية:
كيف يتحول الحاكم إلى دكتاتور مطلق؟
يطرح ميكافيلي سؤال ويضع اليه للأمير ليتحول من ديكتاتوري الى ديكتاتوري مطلق وذلك من خلال:
أولا يجب على الأمير ان يحارب الأشخاص الذين ساعدوه في استلام السلطة و الناس الذين حاربهم وأخضعهم لإرادته، لان هذين القوتين اذا ما اتحدوا معا لاسقاط حكم الأمير سيشكلون قوة متحالف ضد الحاكم تعلن العصيان والتمرد ضده وبمجرد ان يفشل الامير العصيان ضده فإنه يتحول إلى دكتاتور مطلق يحكم المجتمع حسب أهوائه ومصالحه الذاتية.
وعندما لا يروق مثل هذا الحكم إلى الناس فإنهم يعملون ما في استطاعتهم لإسقاطه وتغيير الحكم إلى نظام ديمقراطي يحل محله، غير أن الديمقراطية كما يعتقد ميكافيلي تجلب الفوضى والارتباك اللتين يمكن وضع حد لهما عن طريق الدكتاتورية، وهكذا تتعاقب انظمة الحكم من دكتاتورية إلى ديمقراطية والعكس.
الغاية والواسطة كما يفسرها ميكافيلي.
يعتمد ميكافيلي في طروحاته السياسية على مبدأ الغاية تبرر الواسطة.
فالغاية بالنسبة للحاكم: هي البقاء في كرسي الحكم لأطول فترة زمنية ممكنة.
أما الواسطة التي يعتمدها للحاكم: فهي جميع الأفعال التي يقوم بها سواء كانت أخلاقية أو غير أخلاقية، شريفة أو غير شريفة.
الأفعال الأخلاقية: مثل الصدق والتفاني في خدمة الرعية والانجازات والنجاحات الفعلية التي يحققها من أجل رفاهيتهم.
الأفعال غير الأخلاقية: الغش والكذب والرياء والتضليل والأفعال الاجرامية التي يرتكبها ضد خصومه ومنافسيه السياسيين لتصفيتهم ومن ثم التمتع بالسلطة دون منافس.
ينصح ميكافيلي الحاكم في كتائه (الأمير) بأن يستخدم عدم الوفاء بالعهد مع الناس والكذب عليهم وترويضهم وغشهم والتحايل عليهم والايقاع بهم إذا كانت هذه الأفعال تخدم وتحقق مطالبه ونزواته، وكذلك استعمال اساليب العنف والقسوة والبطش والتنكيل بالناس الذين يشك في ولائهم واخلاصهم.
ويقول ميكافيلي أيضاً في كتابه عندما يبدأ الحاكم بممارسة حكمه عليه استعمال القوة ضد الخصوم والمعارضين مرة واحدة ليقضي عليهم وينهيهم ويزيل خطرهم كي ينفرد بالحكم دون معارض ويبادر في الوقت نفسه بإرضاء أهل المدينة وكسبهم إلى جانبه عن طريق أساليب الترغيب والتكريم والجذب والاستمالة ليكسب تأييدهم، وهكذا يبقى الأمير في منصبه فترة طويلة عن طريق استعمال أساليب الترهيب والترغيب.
موازنة القوى واستقرار الدولة في فكر ميكافيلي.
يعني ميكافيلي بموازنة القوى في الإمارة ثلاثة أشياء رئيسية هي:
توزيع المناصب السياسية على قادة الفئات والعناصر السكانية بالتساوي دون إجراء أي تمييز بينها.
تعني موازنة القوى السياسية التحكم في التوزيع الجغرافي للفئات الاجتماعية والعناصر السكانية، فكل فئة اجتماعية أو عنصر سكاني ينبغي أن يتمازج مع العناصر السكانية الأخرى في طريقة لا تعطي المجال لذلك العنصر أن يسيطر على بقعة جغرافية معينة ويتحكم في مصيرها ويطرد العناصر السكانية الأخرى من تلك المنطقة وهنا تتحقق موازنة القوى في الإمارة.
يعني ميكافيلي بموازنة القوى تحقيق العدالة والمساواة بين قوة الدولة وقوة الشعب، أو بين قوة الأمير وأتباعه وقوة الرعية التي يحكمها الأمير.
الموازنة السياسية = أن تتعادل قوة الفئة الحاكمة مع الفئة المحكومة.
أي أن يتمتع الحاكم بامتيازات وحقوق وتتمتع الفئة المحكومة بدرجة لا بأس بها من هذه المكافآت حتى يتولد الانسجام والتناغم بين ما يريده الحاكم وما يريده الشعب.
وفيما يتعلق بموازنة القوى والاستقرار السياسي يقول ميكافيلي في كتابه (الأمير) عند حدوث عصيان في إمارة ما فإن على الأمير التحرك لإخماد العصيان وتطويقه، وعند نجاحه في المهمة يتطلب منه اتخاذ ما يلزم بالانتقال والاقامة في المنطقة أو الإمارة التي وقع فيها العصيان، مع تهجير أهلها الأصليين إلى مناطق أخرى واستبدال المهجرين بأُسر وأشخاص موالين له، وهنا تستقر الأمور ولا يمكن للمقاطعة أن تثور عليه مرة ثانية.
بقلم محمد الكويفي
اعلامي ومدون من غزة -فلسطين- ماجستير ادارة إعلام، بكالوريوس صحافة واعلام، دبلوم تكنلوجيا معلومات، دبلوم لغة انجليزية في الصحافة والسياسة، مدرب اعلام وانتاج ....
0 التعليقات
