تجربة العمل في شركة فيسبوك - لماذا إدارتنا ليست مثلهم؟!
اسرد لكم مقال كتبه المهندس الفلسطيني أمجد أبو جبارة الذي عمل في فيس بوك مدة ثلاثة أشهر في الفيسبوك، كتب هذا المقال على شكل قصص متسلسله
هذا المقال يمكن للشركات والمؤسسات الاستفادة منه لتحسين وتطوير بيئة العمل الداخلية سواء كانت الاساسية كالتواصل والاتصال، وصناعة قادة جدد يخدموا المؤسسة او الرفاهية، لن اطيل اترككم مع المقال
أتيحت لي الفرصة في الصيف الماضي (2011) للعمل في شركة الفيسبوك، و الالتحاق بفريق عملها الذي يضم قرابة 3000 موظف أكثرهم من المهندسين. و قد ألح عليَّ العديد من الأصدقاء و الزملاء أن أكتب عن تجربتي، و أن أشارك معهم حكايات و مشاهدات و فوائد هذه التجربة.
أتفهم بشدة هذا الطلب و ذلك الإلحاح، فموقع الفيسبوك أصبح محط الأنظار و العقول (و ربما القلوب!) في العالم عامةً و في عالمنا العربي خاصة، ينظر إليه الكثير من الناس بعين الإعجاب، كما ينظر إليه آخرون بعين الخوف و التوجس! و الجميع يريد أن يتعرف على الشركة التي تديره عن قرب، و أن يكتشف السر وراء صعودها السريع.
عبر سلسلة من التدوينات القصيرة سوف أنقل لكم خلاصة تجربتي، و أحكي لكم حكايات مثيرة و مدهشة و عجيبة عن الفيسبوك، أتمنى أن تكون مفيدة و ممتعة كذلك. و قبل أن أبدأ، دعوني أعرض عليكم بعض العناوين التي سأتحدث عنها خلال السلسلة:
- الطريق إلى الفيسبوك.
- اليوم الأول، يوم الثورة المصرية!
- شركة بلا مكاتب!
- كل شيء بالمجان!
- العمل وقوفاً!
- غرفة إدارة و تحريك الثوارت العربية!
- من يستطيع أن يصل إلى معلوماتك الشخصية و ينتهك خصوصيتك؟
- في ضيافة مارك زكربيرج!
- الجزء الخفي من موقع الفيسبوك!
- جوجل+!
- .... و غيرها الكثير!
الحلقة الأولى: في الفيسبوك بالصدفة!
لم أكن قد خططت لتقديم طلب عمل في الفيسبوك و لا قصدت ذلك. كل ذلك حصل بالصدفة.
في بداية كل فصل دراسي تقوم الجامعة التي أدرس فيها (كغيرها من الجامعات هنا في أمريكا) بتخصيص يوم تستضيف فيه الشركات التي تبحث عن طلبة لتوظيفهم للعمل مؤقتاً خلال فترة الصيف، أو خريجين مرتقبين لاستقطابهم لفرص عمل دائمة بعد التخرج.
في ذلك اليوم ذهبت بدافع الفضول إلى حيث تجمعت الشركات لألقي نظرة على ما يجري هناك، و لم أكن قد طبعت سيرتي الذاتية، و لا لبست بدلة رسمية كما يفعل الطلبة الباحثين عن فرص عمل. كان ذلك في آخر اليوم و قبل ثلث ساعة فقط من مغادرة الشركات.
و عندما مررت بجوار الركن المخصص للفيسبوك كانت إحدى مندوبات الفيسبوك تتحدث لأحد الطلبة المهتمين عن الشركة، و عن فرص العمل المتوفرة لديهم، فوقفت أستمع من بعيد، فلاحظت الموظفة وجودي و انصاتي، فعرضت عليّ الانضمام للحوار ففعلت، و في نهاية حديثها طلبت منا سيرنا الذاتية إذا كنا مهتمين بالتقدم لوظيفة مؤقتة، فقام الطالب الثاني بإخراج ورقة من ملف كان يحمله و أعطاها إياها، أما أنا فاعتذرت لأني لم أكن مستعداً، و لأن سيرتي الذاتية لم تكن معي، فتهفمت الموقف و اقترحت علي أن أرسلها عبر الإيميل. و بالفعل في اليوم التالي مباشرةً أرسلت سيرتي الذاتية كما طُلب مني.
و بعد أسبوع تقريباً وصلتني من الفيسبوك دعوة لمقابلة توظيف، منذ اللحظة الأولى شعرت بارتياح للأمر و لم أتردد في قبول الدعوة.
تم عقد المقابلات في مكتبة الجامعة، و كانت المقابلة بواقع جولتين على مدار يومين (خميس و جمعة). في الجولة الأولى كانت مدة المقابلة 30 دقيقة و غلب عليها الطابع التقني، إذ كانت أغلب الأسئلة تطلب صياغة خوارزمية لحل مشكلة معينة.
تخطيت بفضل الله الجولة الأولى، و انتقلت إلى الجولة الثانية. هذه المرة كانت مدة المقابلة 45 دقيقة و كانت أسئلتها منوعة ما بين أسئلة عامة عن الاهتمامات الأكاديمية و مجال البحث، و تبادل بعض الأفكار و الآراء عن الفيسبوك، ثم أسئلة برمجية كما كان في الجولة الأولى.
تم عقد المقابلات في مكتبة الجامعة، و كانت المقابلة بواقع جولتين على مدار يومين (خميس و جمعة). في الجولة الأولى كانت مدة المقابلة 30 دقيقة و غلب عليها الطابع التقني، إذ كانت أغلب الأسئلة تطلب صياغة خوارزمية لحل مشكلة معينة.
تخطيت بفضل الله الجولة الأولى، و انتقلت إلى الجولة الثانية. هذه المرة كانت مدة المقابلة 45 دقيقة و كانت أسئلتها منوعة ما بين أسئلة عامة عن الاهتمامات الأكاديمية و مجال البحث، و تبادل بعض الأفكار و الآراء عن الفيسبوك، ثم أسئلة برمجية كما كان في الجولة الأولى.
كنت أتوقع أن تصلني النتيجة خلال أسبوع على الأكثر، و لكن هذا لم يحصل، فمر الأسبوع الأول، ثم الأسبوع الثاني، ثم الأسبوع الثالث دون أن يصلني أي رد سواءً بالإيجاب أو السلب، مع أني سمعت من بعض الطلبة الآخرين الذين شاركوا في المقابلات أنهم استلموا نتائج مقابلاتهم منذ الأسبوع الأول. انتابني بعض القلق، ثم تحول هذا القلق إلى اطمئنان عندما عرفت أن كل من وصلهم رد في الأسبوع الأول كان الرد سلبيياً.
بعد انتهاء الأسبوع الثالث دون وصول أي رد، قررت أن أرسل رسالة أسأل فيها عن حالة طلبي، و عن نتائج المقابلة، فجاءني الرد في نفس اليوم بأن النتائج كانت إيجابية، و أن عرض العمل الرسمي سيصلني بالإيميل في نهاية اليوم، ثم يصلني مطبوعاً بالبريد إلى عنوان البيت خلال يومين!
و من هنا بدأت الرحلة مع الفيسبوك!
في التدوينة القادمة سوف أخبركم عن اليوم الأول في الفيسبوك، و عن الذي قاله لنا مدير المنتجات في الشركة عن الثورة المصرية و عن علاقة الفيسبوك بها!
الحلقة الثانية: اليوم الأول!
في مساء يوم الجمعة 20 مايو وصلت برفقة العائلة إلى مطار مدينة سان هوزيه ثالث أكبر مدن ولاية كاليفورنيا، و عاصمة وادي السيليكون الشهير الذي يقع جنوب خليج سان فرانسيسكو. تعد هذه المنطقة من أكثر مناطق أمريكا شهرةً و ثراًء و ازدحاماً و اكتظاظاً سكانياً و غلاء! فهي تستضيف مقرات كبرى شركات التكنولوجيا العالمية كإنتل و ياهو و جوجل و سيسكو و إتش بي و أوراكل و أبل و أدوبي و غيرها الكثير من شركات التكنولوجيا المعروفة عالمياً. أما مقر الفيسبوك فهو في قلب وادي السيليكون في مدينة بالو ألتو حيث جامعة ستانفورد العريقة.
أول أيام العمل كان يوم الاثنين 23 مايو، و كان مخصصاً بطوله للترحيب بالطلبة المتدربين و الموظفين الجدد، و لتعريفهم بالشركة و فلسلفتها و قيمها و أخلاقيات و قوانين العمل فيها، و لتحفيزهم على العمل و الانجاز و الإبداع و التأثير!
و لم أشعر بضيق و لا بضجر عندما علقت في اختناق مروري بجوار شارع ناسا، إذ كنت أتسلى بمشاهدة مقر أبحاث وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، و على مقربة منها على الطرف الآخر من الشارع أحد مقرات شركة مايكروسوفت العملاقة.انطلقت في الساعة السابعة صباحاً من مكان إقامتي المؤقت في ضيافة أحد الأخوة الأعزاء في مدينة سنيفيل نحو بالو ألتو. كانت الشوارع مزدحمة جداً كالعادة، فالحركة هنا تكون نشطة جدا منذ وقت مبكر جداً من النهار و لا تهدأ إلا مع غروب الشمس! و على الرغم من الازدحام إلا أنني كنت مستمتعاً بمشاهدة جمال الطبيعة حيث تلتقي الجبال الشامخة التي تتخلل قممها غيوم بيضاء ناصعة مع السهول الخضراء الخلابة، مع مياه الخليج و الأودية المائية الصغيرة.
وصلت إلى مقر الفيسبوك، و اتجهت إلى المبنى رقم 4 بحسب التعليمات. دخلت القاعة المخصصة لبرنامج الاستقبال و التدريب، فوجدت ما يقارب 400 طالب مثلي قدموا من ولايات أمريكية مختلفة و من دول أخرى ككندا و الهند و ماليزيا و مصر و لبنان و بعض دول الاتحاد الأوروبي، كلهم استضافتهم الشركة للتدريب و العمل في مكاتبها خلال الصيف!
كان المكان مرتباً جدا، و لا يحتاج الإنسان إلى كثير من الوقت ولا إلى دقة ملاحظة ليستنتج أن الفريق القائم على إعداد برنامج الاستقبال قد قام بعمله على أتم ما يمكن.
فبمجرد أن دخلت القاعة أسرع أحدهم نحوي ليستقبلني، و يرشدني إلى مقعد و طاولة كان مكتوباً عليها اسمي، و على الطاولة جهاز ماك بوك جديد بمواصفات فائقة، و جهاز أي فون جديد مدفوع التكاليف بالكامل، و حقيبة فاخرة، و دفتر، و قلم، و قميص عليه شعار الشركة!
كان المكان مزوداً بشتى صنوف المشروبات الساخنة و الباردة، و شتى أشكال الحلوى و الشوكلاتة المنوعة و ألعاب مختلفة مسلية.
بدأ البرنامج بفقرة قصيرة تم خلالها تعريفنا بكيفية إنشاء حسابات داخلية، و كيفية الدخول إلى الشبكة، و غيرها من الأمور الفنية الأساسية.
الفقرات التالية كانت غاية في الامتاع، و كانت كلها تهدف إلى تفجير قنبلة ذرية تحفيزية (نعم قنبلة ذرية بكل ما في الكلمة من معنى) في نفس كل واحد منا، لتدفعه بقوة نحو العمل و الانجاز و إحداث أثر.
تنوعت الفقرات بين مشاهدة مقاطع فيديو توثيقية، و كلمات لمتحدثين من موظفي و مديري الشركة، و نقاشات مفتوحة.
كانت الرسالة الأساسية التي حاولت كل الفقرات التركيز عليها هي "الأثر - Impact" الكبير للشركة في حياة الناس اليومية في كافة أرجاء العالم، و كيف أن كل واحد منا سيحدث تغييرات سوف يشاهدها مئات الملايين من البشر من مختلف الأجناس و الأعراق.
و كان مثال الثورة المصرية حاضراً في كل فقرة تقريباً، فلا أذكر أن أحداً من المتحدثين بمن فيهم عريف البرنامج قد غادر المنصة دون أن يذكر الثورة المصرية كمثال حي و بارز على أثر الفيسبوك في إحداث التغيير.
و كان مثال الثورة المصرية حاضراً في كل فقرة تقريباً، فلا أذكر أن أحداً من المتحدثين بمن فيهم عريف البرنامج قد غادر المنصة دون أن يذكر الثورة المصرية كمثال حي و بارز على أثر الفيسبوك في إحداث التغيير.
و كانت أكثر الكلمات حماسة و تحفيز هي كلمة Chris Cox مدير المنتجات في الشركة، و هو شاب في مقتبل العمر من مواليد 1982! و هو من الرعيل الأول في الشركة و ممن حضروا أيام التأسيس. تحدث كريس عن تاريخ الشركة القصير و عن قفزاتها السريعة و صعودها المفاجئ الذي فاجأهم هم قبل أي أحدٍ آخر، و عرج قليلاً على فيلم (الشبكة الاجتماعية) فقال أنه مليء بالمغالطات و الأخطاء دون أن يذكر تفاصيل.
ثم تحدث بإسهاب عن الأثر العالمي للفيسبوك، و نموه و انتشاره السريع، و تغلغله في العالم... و كغيره من المتحدثين توقف عند الثورة المصرية، و كيف كان أثر الفيسبوك واضحاً فيها، و ذكر أن العديد من الاتصالات من مصادر متعددة كانت تصلهم تسألهم: هل أنتم تحركون ما يجري في مصر؟ هل أنتم من دبر الثورة؟ فكانوا يجيبون بالنفي في كل مرة. ثم بين كم كانت دهشتهم عظيمة و هم يشاهدون بأعينهم كيف أن موقع إلكتروني أنشأوه منذ سنوات قليلة فقط و دون أن يخطر ببالهم أن يكون له هذا الانتشار الكبير و السريع، اندهشوا كيف أنه أصبح اليوم أداة رئيسية استخدمها الثوار و المقهورون لتغيير نظام حكم و إعادة رسم مستقبل بلد بل منطقة بأكملها! سأعود للحديث عن الثورات العربية لاحقاً في سياق أكثر إثارة و غرابة! و لكن دعونا نتابع تسلسل الأحداث.
كل هذا جرى في اليوم الأول داخل قاعة الاستقبال في المبنى رقم 4. تبعه تدريب تقني مكثف في نفس المكان و لمدة يومين آخريين على أدوات الشركة الداخلية و برامجها.
في اليوم الرابع انتقلنا إلى المبنى الرئيسي الضخم المشهور باسم 1601 و الذي يتواجد فيه أغلب المهندسين.
في الحلقة القادمة سوف أحدثكم عن عجائب 1601 و بيئة العمل الغريبة التي تبنتها الشركة على خلاف كل ما أعرفه من الشركات الأخرى... الجميع يستغرب من هذه البيئة حتى مصمميها:
Is this a Technology Company?
الحلقة الثالثة: الفيسبوك من الداخل
المبنى رقم 4 في شارع "بيج ميل" الذي عقد فيه اللقاء الترحيبي و تلقينا فيه التدريب كان جميلاً و مريحاً و قضينا فيه وقتاً ممتعًا للغاية، و كنت حتى تلك اللحظة أشعر بالانبهار من روعة و جمال المكان، و لكن عندما انتقلنا إلى المبنى 1601 في شارع "كاليفورنيا" الموازي "لبيج ميل" و بمجرد دخولي من الباب الرئيسي عرفت أن المغامرة و المتعة الحقيقية لم تكن قد بدأت بعد!
دخلت المبنى من بابه الرئيسي، و بعد أن اجتزت ردهة الاستقبال فاجأتني على يميني و أنا داخل Wall! و لكنها هذه المرة حقيقية و حية و مليئة بالمنشورات:
و الأعجب من هذه ال Wall هي قصتها التي عرفتها فيما بعد، فقد جاء بفكرة هذا الجدار أحد الموظفين. قام بنفسه و دون استشارة أو إخبار أحد بطباعة The Facebook Wall ... Write Something، ثم علقها بنفسه خلال عطلة نهاية الأسبوع دون أن يستأذن أحد ، و وضع بضعة أقلام ملونة بجانب الجدار، فأصبح كل من يزور المبنى يتوقف عند الجدار و يكتب شيئاً!
لم يكن هذا الجدار سوى أولى المفاجآت، المفاجأة الأكبر كانت عندما وصلت إلى نهاية الممر القصير المجاور للحائط و دخلت إلى ما يفترض أن يكون مكان غرف الموظفين. العجيب أنه في كل هذا المبنى الطويل العريض لم يكن هناك ولا أية غرفة واحدة خاصة بموظف... الشركة كلها ليس فيها أي مكاتب منفصلة أو منعزلة، الجميع يجلس في بهو فسيح جداً بجوار بعضهم لا تفصلهم جدران لا إسمنتية و لا خشبية و لا حتى زجاجية ... للوهلة الأولى تشعر أنك في سوق شعبي مليء بالحركة و الحياة ... أو كأنك في خلية نحل حقيقية ترى فيها حركة نشطة دائبة و تسمع فيها دوي متصل.
فهمت فيما بعد أن هناك فلسفة هامة تقف وراء اختيار هذا التصميم لبيئة العمل، الفكرة باختصار أن الفيسبوك موقع تواصل اجتماعي، و أحد أهداف الشركة الرئيسية هو جعل العالم أكثر اتصالاً، و جعل الناس أكثر قرباً و أكثر احتكاكاً. و حتى يستطيع موظفو الشركة أن يعملوا بقوة لتحقيق هذه الغاية لابد أن يعيشوها هم بأنفسهم في كل دقيقة و كل لحظة.
للوهلة الأولى شعرت بالانزعاج و الفوضى و التشتت، و لكني سرعان ما وجدت نفسي أنسجم و ألتحم مع هذه البيئة و أعشقها.
الكل يعرف الكل، و الكل يعرف كل شيء تقريباً عن كل شيء، ففي كل دقيقة تسمع اثنين أو ثلاثة يتناقشون هنا أو هناك حول فكرة أو مشكلة أو تحدي قد يكون في مجال عملك أو في مجال مختلف كلياً، و لكنك تستفيد في كل الأحوال فقط بمجرد الاستماع، و تشعر بالانتماء لكل جزء و كل تفصيلة من أجزاء و تفصيلات العمل. تصميم إبداعي و خلاق، و بيئة عمل مفعمة "بالاجتماعية" و تنبض بالحياة!
الكل يعرف الكل، و الكل يعرف كل شيء تقريباً عن كل شيء، ففي كل دقيقة تسمع اثنين أو ثلاثة يتناقشون هنا أو هناك حول فكرة أو مشكلة أو تحدي قد يكون في مجال عملك أو في مجال مختلف كلياً، و لكنك تستفيد في كل الأحوال فقط بمجرد الاستماع، و تشعر بالانتماء لكل جزء و كل تفصيلة من أجزاء و تفصيلات العمل. تصميم إبداعي و خلاق، و بيئة عمل مفعمة "بالاجتماعية" و تنبض بالحياة!
بعضكم بالتأكيد يتساءل عن الخصوصية التي ربما يفضلها البعض أثناء العمل. و الجواب ببساطة أن من يحتاج الخصوصية كان يحصل بمجرد الطلب على قدر "أظنه كافٍ" منها... بسهولة... و إبداع:
إبداع في توفير الخصوصية!
لم أكن أعرف بالتحديد مكان مكتبي الذي سأجلس إليه، فجلست في إحدى الزوايا المخصصة للاستراحة و الاسترخاء، و أخرجت جهاز اللابتوب من الحقيبة و قمت بفتح إحدى صفحات الفيسبوك الداخلية التي لا يراها إلا الموظفون. تحتوي تلك الصفحة على خريطة تفاعلية لمباني و أقسام الشركة، يمكن من خلالها البحث بسرعة لإيجاد مكان جلوس أي موظف و جدول عمله و مواعيده اليومية و غيرها من المعلومات الهامة للعمل. بحثت فوجدت مكان جلوسي في أقل من نصف دقيقة.
لما وصلت المكتب المخصص لي وجدت ورقة موضوعة عليه مكتوبٌ فيها بخط كبير: "أصدقاؤك في الفيسبوك يرحبون بك". كان المكتب جديداً لم يستخدمه أحد قبلي و المقعد كذلك، و كان كل شيٍء مجهزًا: شاشة كبيرة مقاس 30 بوصة، و كيبورد، و ماوس، و مكان مخصص لوضع اللابتوب. كل الكوابل كانت موصلة و مرتبة بشكل أنيق، و إعدادات الشاشة كانت مضبوطة، لم يكن علي سوى أن أضع جهاز اللابتوب في مكانه و أبدأ العمل.
قمت بتشغيل الجهاز بسرعة و فتحت إيميل العمل، فوجدت رسالة ترحيب أخرى، و وجدت أيضاً رسالة تخبرني بأن هناك خبراء استشارييون متخصصون في ضبط جلسة الموظف حتى تكون جلسة صحية و مريحة متوفرون، و أن بإمكاني الاتصال بهم فوراً للقدوم و تقديم نصائح لي حول ارتفاع المكتب و ارتفاع المقعد و المسافة بين مكان جلوسي و بين الشاشة إلى غيره من الأمور اللازمة لضمان الراحة و السلامة الصحية.
و كان من عجائب ما رأيته في الشركة هو أن عدد ليس بالقليل من الموظفين يفضلون العمل وقوفاً! نعم ... يتم رفع مكاتبهم إلى مستوىً مرتفع بحيث يبقى الموظف واقفاً طوال فترة العمل. كان زميلي الذي يعمل أمامي مباشرة أحد هؤلاء، و كنت أتعجب كيف يصبر طوال ساعات العمل لا يجلس بالمرة!
كان المشرف المباشر علي يجلس بجانبي مباشرةً، و كان مدير الفريق يجلس إلى المكتب الذي يليه. يفصل بين كل واحد و الآخر نصف متر على الأكثر.
سألت مشرفي المباشر: ما هي مواعيد العمل الرسمية؟ فأجابني: لا توجد مواعيد عمل رسمية! فكررت السؤال بعد تعديله: ما هي مواعيد العمل المتعارف عليها أو المفضلة؟ فأجابني: لا توجد أي مواعيد عمل لا رسمية و لا عرفية و لا مفضلة، كل موظف يأتي في الوقت الذي يريد و يغادر في الوقت الذي يريد. بل إن الدوام في الشركة بحد ذاته ليس إلزامياً!
و لم يكن كلامه فيه أي مبالغة، بل كان عين الواقع، فقد كان مدير الفريق مثلاً يأتي في الغالب الساعة الثامنة، و يغادر نحو الخامسة أو السادسة، في حين أن مشرفي المباشر كان يأتي الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة أو حتى الواحدة ظهراً و يغادر في وقت متأخر من الليل. و قد رأيت هذا التباين في حال كل الموظفين.. ففي كل لحظة تجد أن ثمة أحد داخل الشركة يعمل، بل إن هناك أشخاص يفضلون العمل ليلاً، يأتون عصراً و لا يغادرون إلا بعد منتصف الليل بساعات.
للوهلة الأولى قد تعتقد أن هذا تسيب و فوضى، و أنه و الحال هذه يكون من الصعب ضبط سير العمل و التأكد من انضباط الموظفين. و لكن سرعان ما تكتشف أن الصورة مغايرة تماماً، فعدم وجود إلزام بالدوام و لا بالمواعيد قد جعل التركيز الأكبر و الأهم يكون على الانجاز و أداء المهام. فلو كان الدوام الزامياً بمواعيد محددة لاعتقد الموظف أنه بمجرد تواجده في أوقات الدوام قد أدى جزءاً كبيراً من المهمة المطلوبة منه، أما عندما يتم التغاضي عن هذا المتطلب، يصبح التركيز الأكبر على الانجاز وحده. في هذه الحالة يربح الجميع: الموظف يربح شعوره بالحرية و المرونة و القدرة على الموازنة بين متطلبات عمله و متطلبات حياته الشخصية، و تربح الشركة عندما يصبح هم الموظفين منصباً على الانجاز!
لما جاء وقت الظهيرة توجهت إلى الكافتيرا لتناول طعام الغداء، و الشركة تقدم للموظفين ثلاث وجبات مجانية: فطور و غداء و عشاء. يستمر تقديم الإفطار من الساعة 8 و حتى الساعة 10 صباحاً، أما الغداء فمن الساعة 12 و حتى الساعة 2 ظهراً، ثم العشاء من الساعة 5 و حتى الساعة 7 مساءً. في كل وجبة يتم إعداد بوفيه مفتوح فيه مختلف أنواع الأطعمة و المشروبات و الحلويات، و في كل يوم يتم تقديم أصناف مختلفة من بلدان مختلفة، فمرة يتم تقديم طعام صيني و مرة هندي و مرة عربي و مرة مكسيسكي و مرة إيطالي، إلى آخره من شتى أصناف الأطعمة المختلفة.
إلى جانب الوجبات يوجد في كل ركن من أركان المبنى مطبخ صغير مفتوح، متوفر فيه على مدار 24 ساعة مشروبات باردة و ساخنة و فواكه كالموز و الخوخ و الفراولة و المشمش و التفاح و غيرها، و أنواع مختلفة من الشيكولاطة و المكسرات و السندويتشات السريعة و الحلويات و المعلبات و غيرها الكثير... كل ذلك مقدم بالمجان و بكميات غير محدودة!
عجائب 1601 لم تنته بعد! كنت أعرف قبل أن أبدأ الكتابة هذا اليوم أن حلقة واحدة لن تكفي لإتمام وصف كل جوانب هذا المكان الجميل. و لذلك سأتوقف هنا الآن.
في الجزء الأول من الحلقة القادمة سوف أواصل وصف بيئة العمل من الداخل، و سأركز أكثر على الروح العامة السائدة داخل الشركة، و على الإيحاءات البارزة في مكان العمل التي تحفز على البذل و الانجاز و الإبداع.
في الجزء الثاني سوف أحدثكم عن شيء غريب اكتشفته بالصدفة المحضة في قبو 1601 في منتصف الأسبوع الثاني من العمل فأصابني بالذهول و الدهشة و كثير من الحيرة و شيء من القلق و التوجس!
الحلقة الرابعة
لم أستغرب أبدًا عندما سمعت عن فوز شركة الفيسبوك بالمركز الأول من حيث مستوى رضى الموظفين و راحتهم و سعادتهم في مكان العمل، و ذلك بحسب التقييم السنوي الثالث الذي تجريه شركة الباب الزجاجي glassdoor.com المختصة بتقصي و جمع معلومات عن الشركات و ترتيبها في قاعدة بيانات و توفيرها للمهتمين.
لم أستغرب أبدًا عندما سمعت عن فوز شركة الفيسبوك بالمركز الأول من حيث مستوى رضى الموظفين و راحتهم و سعادتهم في مكان العمل، و ذلك بحسب التقييم السنوي الثالث الذي تجريه شركة الباب الزجاجي glassdoor.com المختصة بتقصي و جمع معلومات عن الشركات و ترتيبها في قاعدة بيانات و توفيرها للمهتمين.
فبيئة العمل في الفيسبوك لا توفر للموظفين الراحة المادية فحسب، و إنما تهيء لهم كذلك جواً نفسياً فريداً مليء بالمحفزات يجعل كل موظف في الشركة و كأنه قنبلة انشطارية متسلسلة!
لم أشعر أبداً بضغط العمل، أو بأي درجة من الضيق او الضجر، أو أن أتمنى مثلاً أن يمر الوقت سريعاً و ينتهي وقت الدوام ... لم يكن هناك وقت محدد للدوام أصلاً حتى أنتظر انتهاءه.
لم أكن مضطراً لأن أجلس إلى مكتبي المخصص لي طيلة وقت العمل، فهناك مكاتب أخرى لا يجلس إليها أحد و متواجدة في اماكن مختلفة من المبنى و المباني الأخرى، و يمكن لأي أحد أن يذهب ليجلس إليها و يعمل من هناك، و بعض هذه المكاتب كان موضوعاً في غرف معزولة لمن يفضل أن يعمل في جو هادئ لبعض الوقت.
كنت ألجأ إلى تغيير مكان العمل كلما شعرت بالحاجة إلى التفكير في إيجاد حل مختلف و جديد لجزئية من جزئيات العمل. كنت أشعر أن تغيير المكان يساعد في فتح آفاق جديدة للتفكير.
لم أكن مضطراً لأن أجلس إلى مكتبي المخصص لي طيلة وقت العمل، فهناك مكاتب أخرى لا يجلس إليها أحد و متواجدة في اماكن مختلفة من المبنى و المباني الأخرى، و يمكن لأي أحد أن يذهب ليجلس إليها و يعمل من هناك، و بعض هذه المكاتب كان موضوعاً في غرف معزولة لمن يفضل أن يعمل في جو هادئ لبعض الوقت.
كنت ألجأ إلى تغيير مكان العمل كلما شعرت بالحاجة إلى التفكير في إيجاد حل مختلف و جديد لجزئية من جزئيات العمل. كنت أشعر أن تغيير المكان يساعد في فتح آفاق جديدة للتفكير.
و كنت كثيراً كذلك ما أحمل جهاز اللابتوب و أذهب إلى أحد أماكن الراحة و الاستجمام حيث أتمكن من الاسترخاء و الاستلقاء و العمل بهذه الوضعية من هناك.
أما إذا أحببت الخروج كلياً من جو العمل لتحريك العضلات و تجديد النشاط، كنت أتوجه إلى اللعب. فالشركة فيها مرافق متعددة للألعاب الرياضية و الذهنية و الترفيهية.
أما إذا أحببت الخروج كلياً من جو العمل لتحريك العضلات و تجديد النشاط، كنت أتوجه إلى اللعب. فالشركة فيها مرافق متعددة للألعاب الرياضية و الذهنية و الترفيهية.
📷
📷
و التنقل في الفيسبوك أمر سهل جداً، فللتنقل بين المباني المتباعدة توجد باصات تتحرك باستمرار و على مدار الساعة تقل الموظفين و الزوار مجاناً. أما التنقل داخل المباني فأمره عجيب، إذ يوجد في كل مبنى العشرات من الزلاجات (سكيت) التي يستخدمها الموظفون للتنقل السريع و الممتع! كان المشهد مضحكاً بالنسبة لي، فبين وقت و آخر و انا جالس إلى مكتبي أرى أحد الزملاء منطلقاً بسرعة على زلاجة نحو الكافيتيريا أو غرفة اجتماعات أو دورة المياه!
و لكني للأسف لم أكن اجيد استخدام هذه الزلاجات. حاولت مرتين و فشلت في الحفاظ على توازني، فأعلنت اليأس و توقفت عن المحاولة، و قررت الاكتفاء بركوب رجلي و أنا اتمثل قول العقاد في أبياته الجميلة:
انا راكب رجــــــــلي *** فلا أمرٌ عليَّ و لا ضريبة
و كذاك راكب رأســه *** في هذه الدنـيــا العجيبــة!
📷
و لم تبخل الشركة علينا بتوفير الترفيه و المتعة خارج مباني الشركة و خارج إطار العمل، و ذلك من خلال تنظيم رحلات و برامج ترفيهية غاية في الروعة. فبين مغامرات في جزيرة ألكاتراز الصغيرة في وسط خليج سانفرانسيسكو، و عشاء و برنامج ترفيهي على سطح يخت يقطع الخليج و يمر من تحت جسر البوابة الذهبية الشهير، و تعليم تجديف القوارب و الإبحار في سانتا كروز على شاطئ المحيط الهادي، و رحلات استكشافية في أحراش جبلية مجاورة، و غيرها الكثير! تجارب لا يمكن أن أنساها أبداً و لا يمكن أن أنسى كيف كانت تتضاعف همتي في العمل عشرات المرات بعد كل نشاط!
📷
📷
كان فريقنا - Data Science Team - يجتمع كل يوم جمعة في أحد غرف الاجتماعات، و كان ينضم إلينا عبر الفيديو كونفرنس بقية أعضاء الفريق المتواجدون في مدينة سياتل في ولاية واشنطن. و غرف الاجتماعات في الشركة كثيرة و مجهزة تجهيزاً تاماً.
أكثر ما يلفت الانتباه في قاعات التدريب و غرف الاجتماعات في الفيسبوك هو أسماؤها! فكلها أسماء غريبة و مجنونة، فمنها مثلاً ما يحمل أسماء أطعمة كقاعة "صلصة Salsa" و قاعة "حمص Hummus"، و منها ما يحمل أسماء ألعاب رياضية كـ ping-pong، و منها ما يحمل أسماء دول ككندا، إلى آخره من الأسماء العجيبة.
الذي علمته فيما بعد هو أن تسمية القاعات يتولاها موظفو الشركة جميعهم من خلال ترشيح أسماء ثم التصويت عليها باستخدام برنامج داخلي أعد لهذا الغرض!
📷
بالإضافة إلى الاجتماع الذي يضم كل الفريق، كنت أجتمع مع مديري المباشر بشكل منفرد يوم الأربعاء من كل أسبوع. في أول اجتماع تم بيننا - و كان ذلك في الأسبوع الأول - شرح لي طبيعة العمل و المهام المطلوبة مني، و المشروع الذي يجب أن أنجزه خلال الصيف. ثم في نهاية الاجتماع قال لي: ابدأ بالعمل فوراً و دعنا نرى أول إضافة ترفعها إلى الموقع يوم الجمعة!!! نعم .. كان يقصد يوم الجمعة من نفس الأسبوع! بمعنى أنه كان يتوقع مني أن أُنجز شيئاً قابل لإضافته إلى الموقع خلال يومين فقط!
لم أكن مندهشاً و لا مصدوماً في الحقيقة، ففي أثناء البرنامج الترحيبي تعلمنا أن العمل في الفيسبوك يقوم على مجموعة من القيم التي يسعى الجميع داخل الشركة إلى تحقيقها بكل قوة. أول و أهم هذه القيم هي : Move Fast And Break Things! أو تحرك سريعاً و لو أدى ذلك إلى تعطيل الموقع. و من القيم الأخرى: Be Brave و Done is Better Than Perfect وغيرها.
هل تذكرون ورقة الترحيب التي وجدتها تنتظرني على مكتبي في أول يوم وصلت فيه إلى 1601؟ كانت تلك الورقة مذيلة في نهايتها ب Move Fast and Break Things، و كنت أرى هذه العبارة حولي كلما التفت و أينما ذهبت، فهي و غيرها من القيم مكتوبة على كل جدار تقريباً من جدران المبنى، و تجدها في الممرات، و في داخل غرف الاجتماعات، و في الكافتيريا و في المطابخ، و حتى في دورات المياه!
📷
📷
دون أن أشعر وجدت نفسي قد تبرمجت تلقائياً وفق هذه القيم و تبنيتها بالكامل و بدأت أبذل الوسع لتحقيقها بإرادة ذاتية و دون ضغط أو متابعة من أحد! و كان هذا حال جميع الزملاء!
فلا تعجب إن أخبرتك أن هناك من الموظفين من يعمل عشر ساعات يومياً، و منهم (و هم كثر) من يبات في الشركة بالأيام، و كثيرون كذلك يعملون في عطلة نهاية الأسبوع! لاحظ أن كل هذا يحصل بالرغم من أن الدوام غير إلزامي و لا توجد مواعيد محددة للدوام!
كنا نعشق المكان ليس فقط لما فيه من الرفاهية و توفر كل أسباب الراحة، و إنما كذلك لإشباع رغبة جامحة في الاستجابة لنداء "كن شجاعاً" و "تحرك بسرعة" و "أنجز"! تلك النداءات التي نجحت في تفجير الطاقات و جعلت الانغماس و الذوبان في العمل قمة المتعة و غاية السعادة و التلذذ!
📷
كل هذا جميل و رائع و يأسر الألباب و القلوب، و لكن .....
كنت في معظم الأيام أذهب إلى العمل قرابة الساعة التاسعة صباحاً و أدخل من الباب الرئيسي ل 1601 و أمكث في العمل حتى الساعة السادسة أو السابعة مساءً.
في أحد أيام الأسبوع الثاني، و من فرط النشاط و الإقبال على العمل، خرجت مبكراً جداً - قرابة الساعة السابعة صباحاً.
وصلت... فوجدت مرآب السيارات شبه فارغ إلا من سيارات معدودة ( و هو عادةً ما يكون مكتظ و بالكاد أجد مكاناً لأوقف فيه سيارتي). دخلت المرآب حتى وصلت إلى خلف المبنى، و أوقفت السيارة بجانب أحد الأبواب الخلفية التي تؤدي مباشرة إلى قبو المبنى و ليس إلى الطابق الذي اعتدت الدخول منه. و كانت هذه أول مرة أدخل المبنى من هذا المكان.
وصلت إلى الباب .... أخرجت بطاقتي الممغنطة و مررتها بجوار وحدة الأمان المثبتة على يمين الباب... فانفتح الباب فوراً ... دخلت مسرعاً... كان المكان معتماً بعض الشيء و لم يكن في الداخل أحد... و لم أكن أعرف بالتحديد في أي اتجاه يجب أن أتحرك لأصل للطابق العلوي حيث يتواجد مكتبي، فالمبنى كبير و لم أكن حينها أعرف تقسيماته أو ممراته و أدراجه...
تقدمت في الممر إلى الأمام نحو بهوٍ واسعٍ يبدو فيه من بعيد بعض المكاتب و الشاشات الكبيرة. و ما أن وصلت إلى نهاية الممر حتى كانت المفاجأة المذهلة الصادمة!
رأيت معلقاً في السقف علم كبير يشبه العلم المصري تماماً غير أن النسر المرسوم في وسطه استبدل بصقر، و مكتوب تحت الصقر بخط كبير "اتحاد الجمهوريات العربية" هكذا باللغة العربية !!!!!
ما أن رأيت ما رأيته حتى تسمرت في مكاني، و ذُهلت، و تعجبت، و مرت في رأسي مليون فكرة و مليون سؤال في ثانية واحدة!
أكتب مقدمة هذه الحلقة و أنا أجلس على ارتفاع 33 ألف قدم فوق سطح الأرض، في المقعد رقم 31C على متن طائرة البوينج التابعة لشركة دلتا كبرى شركات الطيران في العالم، و المتجهة من مطار سياتل في ولاية واشنطن نحو مطار ديترويت في ولاية ميشيجان. و لهذه الرحلة قصة أخرى قد أقصها عليكم في وقت لاحق إن شاء الله.📷
أما الآن فدعونا نعود إلى الأرض، إلى ولاية كاليفورنيا، إلى عمق وادي السيليكون، و بالتحديد إلى قبو شركة فيسبوك حيث توقفنا في الحلقة الماضية عند مشهد مُثير و غريب و مُريب.
إذ لما دخلت باب القبو، و بعد أن قطعت الممر القصير ووصلت إلى الردهة الرئيسية، وجدت علماً ضخماً يشبه العلم المصري بالضبط، باستثناء أن النسر المعروف قد استبدل بصقر، و كُتب تحت الصقر بحروفٍ عربيةٍ واضحةٍ و كبيرة : "اتحاد الجمهوريات العربية" هكذا مرةً واحدة.
📷
أذهلني هذا المشهد، و انتصبت في مكاني كأنني نخلة لعدة ثواني، و مرت في رأسي ألف فكرة و مليون تساؤل. إلا أن الفكرة التي سيطرت عليًّ معظم تلك اللحظات القصيرة هي أن الأقدار قد قادتني إلى اكتشاف غرفة سرية يتم من خلالها إدارة أو توجيه الثورات العربية بطريقةٍ أو بأخرى!
و لكن التناقض الواضح بين المشهد الذي أراه و بين الحال الذي أتوقعه لو سلمت بأن هناك توجيه أو إدارة للثورات أوقعني في حيرة لا حدود لها. ذلك أن العلم يحمل بوضوح شعار الوحدة العربية التي هي حلم كل عربي غيور، و لم أكن أبداً أتوقع أن شركة أمريكية صاعدة كالفيسبوك قد تكون جعلت هذه الوحدة من أهدافها وخصصت لها مكاناً سرياً و جندت لها موظفين!
هل الوحدة العربية أصبحت شيئاً سيئاً فتبنوه هم؟؟ أم دبت فيهم هم نخوة عروبية فأصبحت هي (أي الوحدة العربية) من أهدافهم؟؟ لا هذه ممكنة و لا تلك معقولة!
لم أحتمل البقاء في المكان، و خشيت أن يأتيَ أحدٌ فيضبطني في مكانٍ لا ينبغي لي التواجد فيه...
تلفتت حولي بسرعة باحثاً عن مخرج، فوجدت سلماً يقود إلى الطابق الأول. صعدت السلم بسرعة و قطعت عدة ممرات دون وعي، حتى وجدت نفسي في النهاية أمام باب الكافتيريا التي اعتدت تناول الطعام فيها. و وجدت طريقي من هناك إلى مكان عملي.
📷
مكثت بعدها عدة أيام و الحيرة تلفني و الشكوك تكاد تقتلني، و تنتابني رغبة جامحة في إيجاد تفسير لذلك المشهد....
في منتصف اليوم الرابع بعد تلك الحادثة قررت مغادرة المبنى، و الالتفاف وراءه و الدخول من ذلك الباب الذي يؤدي مباشرة إلى القبو.
لما وصلت ذلك الباب وجدت هذه المرة أحد رجال الأمن يقف لحراسة الباب (كما هو الحال مع كل أبواب الشركة الأخرى)، ألقيت التحية على الحارس لأختبر إن كان سيمنعني من الدخول أم لا..
فلما لم يعترض، قمت بتمرير بطاقتي الممغنطة فانفتح الباب فوراً، دخلت و قطعت الممر ووصلت إلى الردهة فوجدت العلم على حاله معلقاً كما كان... إلا أن المكان كان هذه المرة يعج بالأشخاص...
أول شخص قابلته في وجهي، و كان يقف تحت العلم مباشرةً كان شاباً عربياً من لبنان!
قبل أن أسأله عن أي شيء آخر سارعت بسؤاله عن العلم الذي فوق رأسي و رأسه، و إن كان يعرف شيئاً عنه و ما الذي جاء به إلى هنا. فكأنه عرف ما في نفسي و ما دار فيها من ظنون، فأخبرني مبتسماً أن الموظف الذي يجلس أمامه مباشرة مصري، و أنه لما انطلقت الثورة المصرية التهبت حماسته فبادر و أحضر هذا العلم و قام بتعليقه، و بطبيعة الحال فإن الشركة تحرص على أن يشعر الموظف و كأنه في بيته فلا يتدخل أحد فيما يضعه الموظف أو يعلقه فوق أو بجوار مكتبه.
فهمت بعد ذلك أن ذلك الجزء من المبنى مخصص لفريق التدويل (Internationalization team) المختص بتطوير خصائص الموقع التي تضمن إمكانية عرض الموقع بلغات مختلفة من كافة دول العالم، مع مراعاة احتياجات كل لغة كاتجاه الكتابة و ترميز الحروف و محاذاة النصوص و غيرها من التفصيلات الدقيقة و المعقدة!
و بالتالي فإن وجود أعلام للدول في ذلك المكان ليس غريباً و لا شاذاً وفقاً لطبيعة العمل الذي يؤديه الموظفون هناك.
أما بعد...
حتى الآن لم أحدثكم عن مارك زكربيرج مؤسس و مدير الشركة، ذلك الشاب الأعجوبة، أصغر أغنياء العالم سناً.
سأحدثكم في المرة القادمة عن مارك، و عن الجوانب المدهشة في شخصيته التي أراها سبباً مباشراً يقف وراء نجاحه الباهر في حياته المهنية برغم حداثة سنه و قلة خبرته.
سأحدثكم كذلك عن اللقاء الذي جمعني بمارك في حديقة منزله عندما لبيت دعوته لزيارة بيته الجديد يوم الأربعاء في مدينة منلوبارك.
و بالتالي فإن وجود أعلام للدول في ذلك المكان ليس غريباً و لا شاذاً وفقاً لطبيعة العمل الذي يؤديه الموظفون هناك.
أما بعد...
حتى الآن لم أحدثكم عن مارك زكربيرج مؤسس و مدير الشركة، ذلك الشاب الأعجوبة، أصغر أغنياء العالم سناً.
سأحدثكم في المرة القادمة عن مارك، و عن الجوانب المدهشة في شخصيته التي أراها سبباً مباشراً يقف وراء نجاحه الباهر في حياته المهنية برغم حداثة سنه و قلة خبرته.
سأحدثكم كذلك عن اللقاء الذي جمعني بمارك في حديقة منزله عندما لبيت دعوته لزيارة بيته الجديد يوم الأربعاء في مدينة منلوبارك.
📷
📷
الصورة في الأعلى هي جزء من قائمة تضم أقوى 70 شخصية في العالم، و ذلك بحسب التصنيف السنوي لمجلة فوربس Forbes الشهيرة.
سوف أحدثكم في هذه الحلقة عن الشخصية رقم 9 في القائمة: مارك زكربيرج، مؤسس و مدير شركة الفيسبوك، الشاب الذي احتل مكانه في هذه القائمة الملغومة و عمره لم يتجاوز 27 عاماً، و هو حامل لقب "شخصية العام 2010" بحسب تصنيف مجلة التايمز، و هو الذي يحتل الآن الترتيب رقم 14 في قائمة أثرى أثرياء أمريكا، و الذي تمكن من بناء ثروة تقدر بـ 17.5 مليار دولار خلال 7 سنوات فقط، و هو من حصل الفيلم الذي يروي قصته مع الفيسبوك على ثلاثة جوائز أوسكار في العام المنصرم.
كنت أعرف كل هذه المعلومات عن مارك قبل أن ألتحق بالعمل في الفيسبوك، و كنت أعتقد أن شخص في مثل هذه المؤهلات سيكون بطبيعة الحال بعيداً عن الأنظار، و بعيداً عن زحمة العمل و تفاصيله اليومية، و يكتفي بتفويض المهام لمدراء أكفاء، كما هو الحال مع أغلب الأثرياء. كنت أجزم حينها أن المصادفة وحدها هي التي قد تسمح لي برؤيته فضلاً عن الاستماع إليه.
*****
في اليوم الأول الذي باشرت فيه العمل و تعرفت على الفريق الذي سأعمل معه و المكان الذي سأجلس فيه، و بعد ساعة أو أكثر بقليل من بداية العمل، خطرت ببالي فكرة ... تذكرت الصفحة الداخلية في موقع الفيسبوك التي لا يراها إلا الموظفون و التي فيها خريطة تفصيلية لمباني الشركة و طوابق كل مبنى، و التي تتيح للموظفين إمكانية البحث عن معلومات أي موظف، و مكان جلوسه، و برنامجه اليومي.
و كنت قد استخدمت هذه الصفحة لأجد مكان جلوسي قبلها بساعة كما حدثتكم في حلقة سابقة... الفكرة التي خطرت ببالي هي أن أقوم بالبحث من خلال تلك الصفحة عن اسم مارك زكربيرج لأتعرف أين يقع المبنى أو الجناح أو المكتب الفاره المخصص له... و بالفعل قمت بإجراء بحث فظهرت النتائج ... نظرت إلى النتائج مندهشاً ... أعدت البحث مرةً أخرى لأتأكد من صحة النتائج، فإذا النتيجة نفسها هي هي ... و إذا بدهشتي تتضاعف.
و كنت قد استخدمت هذه الصفحة لأجد مكان جلوسي قبلها بساعة كما حدثتكم في حلقة سابقة... الفكرة التي خطرت ببالي هي أن أقوم بالبحث من خلال تلك الصفحة عن اسم مارك زكربيرج لأتعرف أين يقع المبنى أو الجناح أو المكتب الفاره المخصص له... و بالفعل قمت بإجراء بحث فظهرت النتائج ... نظرت إلى النتائج مندهشاً ... أعدت البحث مرةً أخرى لأتأكد من صحة النتائج، فإذا النتيجة نفسها هي هي ... و إذا بدهشتي تتضاعف.
الخريطة التي ظهرت تقول أن مارك زكربيرج يجلس في نفس المبنى، في نفس الطابق، في نفس المربع، و على مسافة قصيرة من مكان جلوسي!! وقفت فوراً و مشيت بسرعة بضعة خطوات في اتجاه المكان المشار إليه في الخريطة و إذا بي أفاجأ بمارك في وجهي مباشرةً!
📷
ليس لمارك غرفة خاصة به منعزلة عن بقية الموظفين، و ليس له سكرتارية خاصة أو إدارة مكتب، بل يجلس على أحد المكاتب العشوائية في ذلك البهو المفتوح مثله مثل بقية الموظفين، الشيء الوحيد المميز أن غرفة الاجتماعات القريبة من مكتبه هو أكثر الموظفين استخداماً لها نظراً لكثرة زوار الشركة، و هذه الغرفة بالتحديد دوناً عن كل غرف الاجتماعات الأخرى ذات جدران زجاجية بالكامل، بحيث يرى كل الموظفين كل ضيوف مارك و ما يدور في كافة اجتماعاته.
و ليس هناك مكان خاص لسيارة مارك في مرآب السيارات، و لا سائق يعمل تحت إمرته، و ليس لديه سيارة فارهة من تلك التي يمتلكها الأثرياء، و يسكن بالقرب من المبنى الذي يعمل فيه 1601، و يفضل المشي إليه كلما أتيحت له الفرصة.
📷
و كان مواظباً على العمل، و لا يتغيب عن الشركة إلا إذا كان مسافراً أو في إجازة معلنة، كنت أراه في كل يوم يأتي مبكراً و يباشر بنفسه متابعة تفاصيل العمل، و تراه كثيراً ما يتحدث مع الموظفين و يستشيرهم في أمور العمل، و في وقت الطعام تراه في الكافتيريا واقفاً في الطابور ينتظر دوره.
و يمتلك مارك شخصية قيادية قوية، و لديه قدرة على التحفيز و صناعة الأجواء و ريادة الأفكار، استنتجت هذا منذ يوم الترحيب الأول، فقد لمحت من كلمات المتحدثين في ذلك اليوم إعجابهم جميعاً بمارك، و تأثرهم بشخصيته، و تمحورهم حوله، و ترديدهم و تأييدهم لعباراته و آرائه.
ثم تعزز هذا الانطباع لدي عن مارك عندما علمت أنه هو بنفسه من صاغ قيم الشركة و نشرها على جدران المباني: "كن شجاعاً" و "تحرك بسرعة" ... إلى آخره من الشعارات التحفيزية التي كانت تملأ جدران الشركة.
📷
و من أهم القيم التي يسعى مارك إلى تعزيزها في الشركة: الشفافية، و حق المعرفة للجميع، و توسيع دائرة الشورى. فعلى خلاف كل الشركات الكبرى التي تحكمها قوانين صارمة تضبط تداول المعلومات عن منتجات الشركة و مشاريعها بين الموظفين و بين الأقسام المختلفة، فقد كان مارك يشدد باستمرار على أن كل موظف في الشركة من حقه أن يطلع على كل تفاصيل و أسرار العمل في الشركة.
و استجابة لهذه الرغبة فقد كانت الشركة تعقد بين الحين و الآخر لقاءً يسمي "All Hands" يدعى إليه كل الموظفين و حتى المتدربين، و يتم إطلاعهم جميعاً على كل المشاريع و المنتجات التي تعكف الشركة في كل أقسامها على تطويرها و طرحها في السوق مستقبلاً.
و فوق هذا كان مارك يعقد بنفسه اجتماعاً عاماً كل يوم جمعة من كل أسبوع و دون انقطاع، يُدعى إلى هذا الاجتماع كل موظفي و متدربي الشركة الذين يراوح عددهم الثلاثة آلاف. في الجزء الأول من الاجتماع كان مارك يضع الجميع في صورة التطورات و الانجازات التي تمت خلال الأسبوع. في الجزء الثاني كان يفتح المجال للتعليقات و الأسئلة و الاقتراحات. و كان يحث الموظفين بشدة و بإلحاح على أن يسألوه أسئلة صعبة و محرجة، و أن يختلفوا معه في الرأي و ينتقدوا قراراته... و كان يتيح المجال كذلك لأسئلة مكتوبة على أوراق لمن لديه سؤال و لا يرغب بكشف شخصيته.
و خلال هذه الاجتماعات لم يكن يحتكر الكلام لنفسه، أو يدعي أنه قادر على الإجابة عن كل سؤال، بل كان كثيراً ما يتيح المجال للإجابة على السؤال لمدير القسم المختص أو الموظف المباشر المسؤول عن النقطة موضوع السؤال.
📷
*****
في أحد الأيام في منتصف شهر يوليو أرسل مارك رسالة إلكترونية إلى كافة الموظفين، دعاهم فيها إلى اجتماع عاجل في منتصف بهو الطابق الثاني، تحت عبارة "Lock Down" المعلقة على حائط غرفة الاجتماعات القريبة من مكتبه، و بالفعل قمت و زملائي في الفريق و كافة الموظفين بالتحرك فوراً، و تجمع الجميع في المكان المحدد.
وقف مارك في منتصف الموظفين، و بدأ يتكلم بكلمات حماسية و تحفيزية، و صنع جواً نفسياً جياشاً هيأ فيه الموظفين إلى مضاعفة الجهد، و بذل الوسع، استعداداً لاكمال اللمسات الأخيرة على التعديلات و الخصائص الكثيرة التي أعلن عنها بنفسه في مؤتمر صحفي نهاية شهر سبمتمبر الماضي كخاصية خط الزمن Timeline و الشبكة المفتوحة Open Graph 2....
شخصية كارزمية قوية... لديه قدرة على صنع الأجواء و شحذ الهمم.
شخصية كارزمية قوية... لديه قدرة على صنع الأجواء و شحذ الهمم.
📷
في الوقت الذي كنت أعمل فيه في الفيسبوك قام مارك بشراء بيت جديد في مدينة Menlo Park الملاصقة لمدينة Palo Alto، و بيته الجديد بجوار المقر الجديد للشركة في المباني التي تم شراؤها من شركة Sun Microsystems و انتقلت إليها أغلب فرق العمل خلال الأشهر القليلة الماضية.
و بهذه المناسبة وجه مارك دعوة إلى الطلبة المتدربين أمثالي لزيارته في بيته الجديد، و لم يتخلف عن تلبية الدعوة أحد.
كان اللقاء في حديقة المنزل، و هي حديقة صغيرة و متواضعة إلى حدٍ ما، فيها حمام سباحة متوسط الحجم، و شجرة نخل عالية و ورود و شجيرات متفرقة. و أُعِد للضيوف بوفيه مفتوح فيه أطعمة مختلفة و مشروبات متنوعة.
في منتصف الزيارة تقريباً وقفت منفرداً بجانب المسبح و كنت أشرب مشروباً بارداً، فتقدم مارك نحوي، و ألقى علي التحية و صافحني و سألني عن اسمي و من أين أتيت و عن طبيعة عملي في الشركة، و أبدى اهتماماً بأنني فلسطيني الأصل. ثم هنأته بالبيت الجديد فأخبرني أنه اختار هذا البيت لقربه من مقر الشركة الجديد، و قال ممازحاً أنه بيت متواضع بجانب بيوت أصحاب المليارات.
ثم سألني عن الأمور التي أعتقد أن أداء الشركة يحتاج فيها إلى تحسين أو تطوير، و هنا تجمع عدد من المدعوين الآخرين و تحولقوا حوله و دار نقاش شارك فيه الجميع حول نقاط الضعف، و طُرِحَت أفكار لمعالجتها و النهوض بالشركة. كان مارك يستمع للاقترحات باهتمام، و يرحب بالأفكار الجديدة، و يناقشها بجدية و حماسة.
****
ليس الهدف من هذه الحلقة هو كيل المدائح لمارك أو تنصيبه قدوة مطلقة بأي حال ... الذي أردت أن أقوله أن النجاح الباهر الذي حققه مارك على الصعيد المهني (بغض النظر عن جوانب حياته الأخرى) لم يأت من فراغ، و إنما هو نتيجة ذوبان في العمل، و نشاط، و جد، و اجتهاد، و مثابرة، و حسن إدارة، و تفكير إبداعي، و مهارات في القيادة و إدارة الذات. تذكروا جيداً أنه أسس الشركة و عمره لم يتجاوز حينها 20 عاماً!! و الحكمة ضالة المؤمن.
****
في الحلقة القادمة -و الأخيرة- سوف أعرج على بعض الجوانب التقنية و الفنية المتعلقة بموقع الفيسبوك، الحلقة قد تكون جذابة بشكل خاص للمطورين و المتخصصين، و لكنها ستكون مفيدة و فيها معلومات مثيرة و مدهشة للجميع.
سوف أحدثكم عن الجزء الخفي من موقع الفيسبوك! و عن غرف الحرب (War rooms) التي تتشكل داخل الشركة و علاقة ذلك بالموقع، و سوف أحدثكم عن أسلوب الإدارة البرمجية للموقع، و عن آليات و ضوابط اتخاذ القرارات المتعلقة بالمحتوى و الخصائص الجديدة، و غيرها الكثير من المعلومات المفيدة و المثيرة!
الى هنا لم يتم كتابة باقي الحلقة
تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على هذه الحلقات، و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.
المصدر:
بقلم محمد الكويفي
اعلامي ومدون من غزة -فلسطين- ماجستير ادارة إعلام، بكالوريوس صحافة واعلام، دبلوم تكنلوجيا معلومات، دبلوم لغة انجليزية في الصحافة والسياسة، مدرب اعلام وانتاج ....
Posted in: