تمر المسجد ~ محمد الكويفي

Change Language

لا خير في دراسة وعلم ونبوغ، اذا لم يصاحبه تقوى وعمل..

2023/08/18

تمر المسجد

حكم أكل تمر المسجد

.
أمس اتصل بي أحد الإخوة يسأل عن هذه المسألة، ويبدو أنها مثارة بحكم موسم الرطب الحالي.
.
وهنا ألخّص ما يطمئن إليه القلب ووفق قواعد الشرع الحنيف:
:
١-الأصل أن أرض المسجد موقوفة للصلاة، فلا يصح استثمارها بأي شيء يزاحم الصلاة ويضيّق على المصلين، أما إذا كانت هناك مساحات وزوايا لا تؤثر على الصلاة فلا بأس بزراعتها-مع أن بعض الفقهاء قد حرم زراعة الشجر المثمر في المسجد أصلا-، فإذا احتاج المسجد مستقبلا إلى توسعة أماكن الصلاة فيشرع قلع هذه الأشجار بل قد يجب.
.
٢-كل شجرة تغرس في أرض المسجد فهي وقف للمسجد، ولا عبرة بنيّة الغارس، لأن نيته معتبرة لو غرسها في أرضه هو، فله أن يوقفها على من يشاء، أما إذا غرسها في المسجد فقد تبرع بها للمسجد لا غير.
.
نعم هنالك حالة واحدة لها حكم مختلف؛ ففي بعض أريافنا العزيزة يتبرع الشخص بأرضه أو بستانه ليقيم عليها مسجدا ويستثني منها بعض النخلات مثلا يوقفها على الفقراء أو على مصلي المسجد فهذا الشرط معتبر، وهذه تعدّ وقفا خاصا وليست جزءا من المسجد وإن كانت ملاصقة للمسجد.
.
٣-وبناء على ما تقدّم فلا يجوز أكل تمر المسجد ولا أي ثمر من ثماره، لا للمصلين ولا للفقراء ولا لغيرهم قبل دفع ثمنه لصالح المسجد، وقد رأيت بعض الصالحين في الفلوجة العزيزة من يشتري تمر المسجد ثم يسبّله للمصلين. ويمكن أن يشترك المصلون أنفسهم بدفع قيمة التمر ثم يسبلونه لكل آكل، أو يوزعونه على الفقراء ونحو ذلك.
.
٤-يصرف ثمن التمر لمصلحة المسجد حصرا مثل صيانته، وشراء بعض حاجاته، ودفع أجور العاملين فيه إذا لم يكن لهم من الأوقاف أجر، بل يجوز دفع التمر نفسه أجرة أو مكافأة للعاملين هؤلاء بهذا الشرط.
.
٥-بعض الثمار التي ليست لها قيمة ولا تباع عرفا، كالنبق، والتمر المتساقط على الأرض قبل أوانه أو بعد أوانه، ونحو ذلك، فهذا مباح ولا حرج فيه، والله أعلم.
.
٦- نقطة أخيرة استدعتها تساؤلات بعض الإخوة؛ أنه ينبغي التفريق بين الخدمات التي تقدّم للمصلين من محلات الوضوء ومواقف السيارات إلى أجهزة تبريد الهواء والماء، وكذلك الصدقات التي تقدّم داخل المسجد مثل الطعام الجاهز الذي يقدمه البعض كما في إفطار الصائم، وبين غلة المسجد نفسه كإيجار محلات تابعة للمسجد وثمر بستان أو حديقة أو أشجار تابعة للمسجد، فهذه غلة المسجد لا يجوز أن تصرف لا للفقراء ولا للمصلين، بل تصرف على المسجد فقط. والفرق بينهما لا يخفى على طالب علم.
.
هذا الذي أدين الله تعالى به، والورع في هذا الباب أولى حتى لو وجدت بعض الفتاوى المتساهلة قديما أو حديثا.
.
وصلى الله وسلّم على حبيبنا وقرة عيوننا سيدنا وشفيعنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
.
الفقير إلى عفو ربه 
محمد عياش الكبيسي

التعليقات
0 التعليقات

0 الردود:

إرسال تعليق

شكرا لك
بصراحة استفدت كثيرا من هذه التدوينة
ان شاء الله في ميزان حسناتك