السؤال الذي احتار في إجابته أباطرة التعليم .... لكن سيجيبك عنه ابن جيرانك 😁 ، السؤال الذي كان ومازال يُسأل بطريقة خاطئة، ويؤدي إلى ضياع مستقبل العديد من الطلبة "بحسن نيّة وبطيبة قلب":
(شو أفضل تخصص ممكن أدرسه بالجامعة؟) أو (شو أفضل تخصص ممكن ابني يدرسه بالجامعة؟)
كالعادة، عند ظهور نتائج الثانوية العامة، يبدأ الأحباب والأقارب بزيارة الناجحين، وخلال كل زيارة، يتمحور الحديث حول الطالب نفسه ومستقبله، ويتكرر السؤال السابق بطريقة جنونية، ويدلي كل شخص برأيه: "التخصص (س) أفضل تخصص"، "التخصص (ص) بيجيب فلوس أكتر"، "التخصص (ع) مجال عمله أوسع"، "التخصص (و) أسهل تخصص" ... والقائمة تطول.
ويبدأ بعدها ذهن الطالب بالتشتت شيئًا فشيئا، ويبدأ الأهل بالاقتناع بالمتحدثين الأكثر اقناعًا، ويومًا فيوم، يصبح التخصص أمرًا مفروضا على الطالب، سواءً مما سمع، أو من أهله وذويه، فيذهب الطالب للتسجيل في الجامعة، وخلال دراسته، يجد أنه قد وقع في الفخ 😟، فيحاول بعدها انقاذ ما تبقى منه بالتنقل بين التخصصات المختلفة، أو بالضغط على نفسه والاستمرار في الدراسة مع كرهه لها، ويساعده الأهل أحيانا في ذلك-بحسن نيّة- "مشيها زي ما تيجي مش ضايل اشي وتتخرج"، ونجدهم بعد كل ذلك، يستغربون من عدم رغبته حتى في البحث عن عمل في مجاله.
هذه بعض النصائح التي أراها -من تجربتي المتواضعة- مناسبة للحديث فيها في هذا الوقت عزيزي الطالب، في ظل المآسي التي نراها في التعليم الجامعي:
👈 السؤال السابق "ما هو التخصص المناسب؟" سؤال يوجه لنفسك فقط، ولا يصح أبدًا سؤاله لغيرك، لأن معايير مناسبة التخصص معايير نسبية تختلف من شخص لآخر، فتخصص الصِحافة على سبيل المثال تخصص سهل وممتع لشخص شغفه في اللغة العربية، او في الإلقاء والخطابة ... الخ.
👈 أهلك عزيزي الطالب في هذه المرحلة-على الأغلب-لن يولونك ثقة اختيار التخصص، لأنهم في الغالب ينظرون إليك بأنك غير مؤهل لاتخاذ القرار 😁، فيحاولون -بحسن نية وطيبة قلب- اختيار التخصص المناسب من وجهة نظرهم، من خلال قولبة حياة أشخاص يرونهم ناجحين في حياتهم على حياتك، من باب "بما أن الشخص الفلاني متميز، اذا تخصصه مناسب وأنت ستكون متميز"، مبتعدين عن شغفك في هذه المرحلة.
لذلك، في حال اقتنعت بتخصص معين-حسب الخريطة التي سأتحدث عنها بالأسفل- حاول قدر الإمكان اقناع الأهل فيه، لأن الأهل لن يكونوا سعداء عندما يرونك تتنقل بين التخصصات، و "تمشي جامعتك بالعافية وانت مش حاببها"، وبالتالي بنسبة كبيرة جدًا لن تجد العمل المناسب، فقدر الإمكان يجب الوصول لنقطة تلاقي معهم في التخصص، وتذكّر ... هم دائمًا يسعون لسعادتك.
كيف أختار التخصص المناسب 🤔؟
الخطوات التالية عبارة عن road map بسيطة جدًا، تساعدك في اختيار التخصص، وتساعدك لأن تكون مستمتعا في دراسته، مجربة ومضمونة ☺️
👈 اجمع كل التخصصات المتاحة أمامك في المكان الذي ترغب بالدراسة فيه، مهما كان عددها.
👈 استخرج المهنة المستقبلية لكل تخصص، وتخيل نفسك تعمل فيها من لحظة التخرج وحتى سن الـ 50 سنة مثلا، تخيل نفسك فيها تماما، وعشها بكل تفاصيلها في خيالك، على سبيل المثال:
تخصص القانون باختصار – وهناك من أعلم مني في هذا المجال، فهذا للتوضيح فقط-، بمجرد أن أتخرج سوف أتدرب لدى محام متميز، بعدها سأعمل في مكتبي الخاص، أو لدى محام كبير له وزنه وسمعته، سأذهب الى المحاكم، وأقف أمام القاضي، وأترافع عن المتهمين في وجود عدد كبير من الأشخاص، وفي حال فشلت في قضية ما سوف تتأثر سمعتي بشكل كبير .... الخ من سيناريوهات العمل.
حاول أن تعيش بعقلك في المهنة المستقبلية، بجميع تفاصيلها، ويفضل هنا أن تستعين بأحد متميّز في هذا المجال، استعانة لتوضيح تفاصيل المهنة فقط، لا لاختيارها، خلي بالك 😎
👈 بمجرد تخيلك للمهنة المستقبلية لكل تخصص، ستجد نفسك مباشرة قد أحببت تخصص معين، لأنه ببساطة شديدة، لو كنت شخصًا انطوائيا، ولا تحب الحديث أمام الناس، بمجرد تخيلك لتخصص القانون، ستجد نفسك أنك لست مرتاحا، لأنه وعلى الأغلب، ليس شغفك 🙂
👈 بعد ارتياحك لتخصص معين، صل صلاة استخارة، وصلاة الاستخارة لتستخير الله بين مجموعة تخصصات قد احترت بينها، لا قبل أن تحدد التخصصات، وبعدها، إن وجدت الراحة في نفسك لهذا التخصص، فاعلم هنا بأنه وبنسبة كبيرة هو التخصص المناسب.
👈 بعد اختيار التخصص المناسب، يأتي دور اختيار المكان المناسب للدراسة، وهنا يأتي دور الأشخاص الذين تحدثنا عنهم في البداية- الي اجوك زيارة :D )، الأشخاص الناجحين في مجال عملهم والمميزين، حاول أن تذهب معهم إلى الجامعات او أن تعرض عليهم خطط التخصص في جميع الجامعات المتاحة لرغبتك في الدراسة، وأن تسألهم عن افضل جامعة تدرس هذا التخصص؟ وليس عن افضل تخصص 👊، وهنا حاول أن لا تدرس الخطة بنفسك، استشر متخصص.
👈 بعد أن تكون قد اخترت التخصص المناسب، والمكان المناسب، بتسحب حالك وبتاخد رسوم التسجيل وبتسجل مباشرة😎 .
الكلام السابق نسبة النجاح فيه عالية، لأنه لا يعتمد على معايير اوجدها غيرك، لا معايير الوزارة ولا الجامعة، لكنه يعتمد على معيار واحد وحيد وهو أهم معيار للنجاح من وجهة نظري، وهو الشغف، فإن وجد الشغف في التخصص، سيتواجد بالتأكيد حب الدراسة، وحب العمل، وحب التميّز، وحب النجاح، وأيضا ستتواجد السعادة في الفشل 😊
نقطة أخيرة كان لا بد أن اختم بها لأهميتها، وهي انتشار ظاهرة "هادا التخصص بيجيب فلوس أكتر 💵💸"، الأرزاق على الله يا عزيزي، هناك الآلاف من الأشخاص الذين درسوا تخصصات توقعوا ان يصبحوا من بعدها أثرياء، لم يجدوا حتى عمل !! وفي المقابل، هناك من درسوا تخصصات لم يتوقعوا أن يجدوا مكانا يتدربوا فيه، لا أن يعملوا فيه، وحصدوا ما لم يحصده الاولون، لأنهم اعتمدوا ببساطة على معيار الشغف، لا معيار العمل والدخل... الأمثلة كثيرة، ابسطها ان تنظر لطلبة نفس التخصص، سترى منهم الموفق ومنهم الغير موفق، ولدي من التجارب الحقيقية الكثير والكثير.
وفقكم الله ❤️