اسباب تحول العثمانيين من التوسع غربا الى التوسع شرقا موضحا كيف تم السيطرة على الوطن العربي؟ ~ محمد الكويفي

Change Language

لا خير في دراسة وعلم ونبوغ، اذا لم يصاحبه تقوى وعمل..

2022/05/27

اسباب تحول العثمانيين من التوسع غربا الى التوسع شرقا موضحا كيف تم السيطرة على الوطن العربي؟

اسباب تحول العثمانيين من التوسع غربا الى التوسع شرقا موضحا كيف تم السيطرة على الوطن العربي؟ 

عندما ارتقى السلطان سليم الأول العرش العثماني، كانت الدولة العثمانية قد وصلت إلى مفترق الطرق، هل تظل على هذا الوضع وهذا القدر من الاتساع دولة بلقانية أناضولية؟ أو تستمر في التوسع الإقليمي في أوربا؟ أو تتجه نحو المشرق الإسلامي؟ 
والواقع أن السلطان سليم الأول قد أحدث تغييراً جذرياً في سياسة الدولة العثمانية الجهادية فقد توقف في عهد الزحف العثماني نحو الغرب الأوربي أو كاد أن يتوقف واتجهت الدولة العثمانية اتجاهاً شرقياً نحو المشرق الإسلامي وقد ذكر بعض المؤرخين الأسباب التي أدت إلى تغير السياسة العثمانية منها: 
1- التشبع العسكري العثماني في أوربا، إذ يرى أصحاب هذا الرأي أن الدولة العثمانية كانت قد بلغت مرحلة التشبع في فتوحاتها الغربية بنهاية القرن الخامس عشر، وأنه كان عليها في أوائل القرن السادس عشر أن تبحث عن ميادين جديدة للنشاط والتوسع وهذا الرأي يخالفه الصواب لأن الفتوحات العثمانية لم تنقطع تماماً من الجبهة الغربية، ولكن لاريب في أن مركز الثقل في التوسع العثماني قد انتقل نهائياً من الغرب إلى الشرق.
2- كان تحرك الدولة العثمانية نحو المشرق من أجل إنقاذ العالم الإسلامي بصورة عامة والمقدسات الإسلامية بصورة خاصة من التحرك الصليبي الجديد من جانب الإسبان في البحر المتوسط والبرتغاليون في المحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر، الذين أخذوا يطوقون العالم الإسلامي، ويفرضون حصاراً اقتصادياً حتى يسهل عليهم ابتلاعه. 
3- سياسة الدولة الصفوية في إيران والمتعلقة بمحاولة بسط المذهب الشيعي في العراق وآسيا الصغرى، هي التي دفعت الدولة العثمانية إلى الخروج إلى المشرق العربي لحماية آسيا الصغرى بصفة خاصة والعالم السني بصفة عامة. 
إن سياسة الدولة العثمانية في زمن السلطان سليم سارت على هذه الأسس ألا وهي القضاء على الدولة الصفوية الشيعية، وضم الدولة المملوكية ، وحماية الأراضي المقدسة وملاحقة الأساطيل البرتغالية ودعم حركة الجهاد البحري في الشمال الأفريقي للقضاء على الأسبان ومواصلة الدولة جهادها في شرق أوروبا.
تمكن السلطان سليم من ايقاع هزيمة ساحقة بالجيش الصفوي الشيعي في معركة جالديران مما اضطر إسماعيل الصفوي الى الفرار، ودخل السلطان سليم الأول عاصمة الصفويين تبريز واتخذها مركزاً لعملياته الحربية.
لم ينته الصراع بين السنة في الدولة العثمانية والشيعة في ايران بانتهاء معركة جالديران وانما ازداد العداء حدة وازداد الصراع ضراوة وظل الطرفان يتربص كل منهما بالآخر.
لقد أدت هزيمة الشاه اسماعيل امام العثمانيين الى حرصه الشديد للتحالف مع النصارى وأعداء الدولة العثمانية ولذلك تحالف مع البرتغاليين وأقرّ استيلاءهم على هرمز في مقابل مساعدته على غزو البحرين والقطيف الى جانب تعهدهم بمساندتهم ضد القوات العثمانية وقد تضمن مشروع التحالف البرتغالي الصفوي تقسيم المشرق العربي الى مناطق نفوذ بينهما حيث اقترح أن يحتل الصفويون مصر والبرتغاليون فلسطين.
كانت نتيجة الصراع بين العثمانيين والصفويين:
ضم شمالي العراق ، وديار بكر الى الدولة العثمانية.
أمن العثمانيون حدود دولتهم الشرقية.
سيطرة المذهب السني في آسيا الصغرى بعد أن قضى على اتباع وأعوان اسماعيل الصفوي وهذا أشعر الدولة بمسؤوليتها تجاه العالم الاسلامي .
شعور الدولة العثمانية بضرورة القضاء على القوة الثانية ألا وهي دولة المماليك.
القضاء على دولة المماليك
بعد أن تغلب السلطان سليم الأول على الصفويين في شمال وغربي ايران بدأ السلطان العثماني يستعد للقضاء على دولة المماليك وضم الشام ومصر وذلك للأسباب التالية::
موقف المماليك العدائي من الدولة العثمانية ومساندتهم لبعض الأمراء العثمانيين الفارين من وجه السلطان سليم وكان في مقدمتهم الأمير أحمد أخ السلطان سليم. 
الموقف السلبي للدولة المملوكية في وقوفها المعنوي مع الشاه اسماعيل الصفوي فهي لم تلتزم الحيادة التامة بين العثمانيين والصفويين، وهي لم تتخذ موقفاً عدائياً صريحاً من السلطان سليم.
الخلاف على الحدود بين الدولتين في طرسوس حيث تناثرت في هذه المنطقة إمارات وقبائل تأرجحت في ولائها بين الدولة العثمانية ودولة المماليك، مما سبب نزاع مستمر بين الدولتين.
 تفشي ظلم الدولة المملوكية بين الناس ورغبة أهل الشام وعلماء مصر في التخلص من الدولة المملوكية والانضمام الى الدولة العثمانية .
قام علماء مصر بمراسلة السلطان سليم الأول لكي يقدم الى مصر على رأس جيشه ، ليستولي عليها، ويطرد منها المماليك، كما رأى علماء الدولة العثمانية بأن ضم مصر والشام يفيد الأمة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، فإن الخطر البرتغالي على البحر الأحمر والمناطق المقدسة الاسلامية وكذلك خطر فرسان القديس يوحنا في البحر المتوسط كان على رأس الأسباب التي دعت السلطان العثماني لأن يتوجه نحو الشرق، فتحالف مع القوات المملوكية لهذا الغرض في البداية، ثم تحمل العبء الكامل في مقاومة هذه الأخطار بعد سقوط الحكم المملوكي وكان السلطان سليم يريد الكرة على الشيعة الصفوية في بلاد فارس ومع توتر الأحداث رأي السلطان سليم تأمين ظهره وذلك بضم الدولة المملوكية الى أملاكه.
وألتقى الجيشان العثماني والمملوكي على مشارف حلب في مرج دابق عام 1517م وانتصر العثمانيون وقُتِلَ الغوري سلطان المماليك وأكرم العثمانيون الغوري بعد مماته وأقاموا عليه صلاة الجنازة ودفنوه في مشارف حلب ودخل سليم حلب ثم دمشق ودُعي له في الجوامع وسُكَتْ النقود باسمه سلطان وخليفة ، ومن الشام أرسل السلطان سليم الى زعيم المماليك في مصر طومان باي على أن يلتزم بالطاعة للدولة العثمانية وكان رد المماليك السخرية برسول السلطان ثم قتله.
وقرر السلطان سليم الحرب وتحرك نحو مصر وقطع صحراء فلسطين قاصداً مصر، صلى السلطان سليم الأول صلاة الحاجة في مسجد الصخرة بالقدس وبكي بكاءً حاراً داعياً الله أن يفتح عليه مصر.
وحقق العثمانيون انتصاراً ساحقاً على المماليك في معركة غزة ثم معركة الريدانية.
وتعود الأسباب التي أدت الى هزيمة المماليك وانتهاء دولتهم وانتصار العثمانيين وعلو نجمهم الى:
التفوق العسكري لدى العثمانيين
سلامة الخطط العسكرية العثمانية
معنويات الجيش العثماني العالية وتربيته الجهادية الرفيعة واقتناعه بأن حربه عادلة بعكس القوات المملوكية التي فقدت تلك الصفات.
حرص الدولة العثمانية على الالتزام بالشرع في جميع نواحي حياتها واهتمامها البالغ بالعدل بين رعايا الدولة، بعكس الدولة المملوكية التي انحرفت عن الشريعة الغراء ومارست الظلم على رعاياها.
قناعة مجموعة قيادية من أمراء المماليك بالانضمام لجيش السلطان سليم وكانوا مستعدين للتعاون مع الدولة العثمانية وتحمل مسؤولية الحكم تحت إطار الحكم العثماني
لقد تلقى المماليك الهزيمة في سنة 1516/ 1517م وهم في شيخوخة دولتهم ومن آخر صفحة من صفحات تاريخهم كقوة اسلامية كبرى سواء في الشرق الأوسط أو في العالم، فقد كانوا فقدوا حيويتهم وقدرتهم على تجديد شبابهم ، فكان أن زالت دولتهم، وذهبت البلاد التي كانت حكمهم للنفوذ العثماني.
إن الواقع التاريخي يقول بأن السلطان سليم الأول أطلق على نفسه لقب "خليفة الله في طول الأرض وعرضها" منذ عام 1514م (920هـ) أي قبل فتحه للشام ومصر وإعلان الحجاز خضوعه لآل عثمان.
فالسلطان سليم وأجداده كانوا قد كسبوا مكانة عظيمة تلائم استعمال لقب الخلافة في الوقت الذي كان فيه مركز الخليفة في القاهرة لا يعتد به. كما أن فتوح سليم اكسبته قوة ونفوذاً معنوياً ومادياً وخصوصاً بعد دخول الحرمين الشريفين تحت سلطانه وأصبح السلطان العثماني مقصداً للمستضعفين المسلمين الذين يتطلعون الى مساعدته بعد أن هاجم البرتغاليين الموانئ الاسلامية في آسيا وإفريقيا.

لمراجعة الإجابة من ص 107- ص 119.
هيثم عبد الكريم

التعليقات
0 التعليقات

0 الردود:

إرسال تعليق

شكرا لك
بصراحة استفدت كثيرا من هذه التدوينة
ان شاء الله في ميزان حسناتك