أشاهد أحياناً الكثير من الناس يعيّرون بعضهم بماضيهم، خاصّة الشباب، من تاب أو على الأقل يسعى أن يتوب.
منذ أيّام نشر أحدهم آيةً وأنا أعرف هذا الشاب جيّداً، وأعرف أنّه أبعد ما يكون عن القرآن، لكن الله أقرب ما يكون للعبد، ففرحت برؤيته مشاركاً لتلك الآية، ووقعت عيني على التعليقات فوجدته يرد على كل التعليقات التي تتحدّث عن جمال هذه الآية إلا تعليقاً واحداً لم يرد عليه ولو حتّى بإعجاب، قرأت التعليق فإذ هو تعليق لصديق له يذكّره بالماضي وبما اقترفت يداه من أشياء قد لا يرضاها الله، وكان التعليق مازحاً بظاهره لكنّه والله يجرح لو قرأت ما بين سطوره.
تخيّلت نفسي مكان هذا الشاب، كيف يشعر الآن؟ ألا يقول له الشيطان انظر كيف ربّك يجازيك على توبتك؟ يرسل لك من يعيّرك بماضيك!
لوهلة أدركت مُجاهدة النفس التي قد وقع بها هذا الشاب بسبب هذا التعليق.
مضيت وأنا أقول: اللهم ثبّته، واجعل ما مضى ماضٍ لا يعود وبدّل سيّئاته حسنات.
أريد أن أخبركم شيئين بهذا المنشور:
١- لا تعيّروا تائباً بماضيه، والله هذا شيء لا يُرضي الله، على العكس، ادعموه وشجّعوه، بل تعلّموا منه، فهو يواجه نفسه ويحاربها في سبيل الله، ماذا عنك؟
الله نفسه يفرح بالتائب مهما كان ماضيه، من أنت لتعيّره بماضيه؟
لا تذكروا له ما يُسيؤه، مرّةً كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مجلس ومعه صحابته، فعرف بالوحي أن هنالك صحابيّاً اسمه عكرمة سيدخل المجلس، وعكرمة هذا هو ابن أبي جهل وأبو جهل فعل ما فعل بالمسلمين، أتعلمون ماذا قال رسول الله لصحابته؟
“سيدخل عليكم الآن عكرمة بن أبي جهل مسلماً، فإيّاكم أن تذكروا أباه بسوءٍ أمامه”.
انظروا الأدب والحرص من رسول الله!
٢- التوبة أحياناً تستوجب منك أن تقطع علاقاتك بمن كان سبباً بوقوعك بالذنب، أو بمن يوقعك به مجدداً، أو حتّى بمن يشغلك عن طريق التوبة كصاحب التعليق الذي تحدّثت عنه. اقطعوا علاقاتكم مع هذه الفئات، فهم لا يتوبون ولا يريدون لكم توبة، فاهجروهم هجراً جميلاً.