أظهرت جائحة كورونا نوعاً جديداً من الانقسام الداخلي. انقسام يرتبط بالهياكل الإدارية داخل المؤسسة الواحدة، والأنا كانت شعاراً يرافق كل القرارات والتوصيات والبروتوكولات وغيرها من النرجسيات. لعلنا سمعنا بالعديد من الحالات النادرة في مجتمعنا الغزي، الذي أقرب ما يكون إلى الهاوية، حالات سجلت منعطقاً حاداً في إدارة الحكم وصدارة المشهد، على حساب آلام أبناء شعبنا المكلوم الذي انطوى تحت ظلال الجائحة وما تحملته من أزمات اقتصادية واجتماعية أصابت معظم أفراد مجتمعنا الفلسطيني. الكثيرون ممن يطالبوا بعودة الإغلاق، وهناك عدة توصيات بطرح هذا الموضوع والأخذ به كحد أدنى لإنعاش القطاع الصحي، وتثبيط تفشي الوباء بين الناس، والبعض الآخر ما زال متصلباً على موقفه، يراه بأفق مختلف، حفاظاً على الكثير من دعائم الاقتصاد الوطني، ومقدرات وأرزاق أبناء شعبنا. كلاهما في الخطأ سواء، فالأزمة لا تحتاج لهذا المستوى المحدود من التفكير، بل تحتاج لكثير من التوازن، وكثير من الاهتمام بصحة الإنسان ومقدراته على حدٍ سواء، فالأصل في إدارة الأزمة هي مرحلة الإنقاذ، وليست مرحلة تكتيك الدفاع وتبادل الأدوار الإعلامية والظهور بدور البطل الذي لا يليق أمام كورونا، بل اختفى وتلاشى وأصبح يبحث عما تبقى من فرص لعودة الأمور إلى سياقها الطبيعي منذ أن تفشى الوباء، لكننا ندرك تماماً أن أخطر مراحل إدارة الأزمات هي مرحلة البحث عن الذات وعن تصويب الأخطاء خلال الأزمة، لأن الأعباء ستكون أكبر والتضحيات جسيمة، والنتائج أقل من المستوى، بل تكون أقرب إلى حالة الانعدام التام.