موضوع "مشاهير" السوشيال ميديا أخطر من حصره في شكل الحفلة، أو في تجمع لا يراعي اجراءات السلامة، وإنما مستقبل جيل سيكون بين أيدي مجموعة من التافهين، وبالنسبة لي، لا أرى أغلب "مشاهير" السوشيال ميديا سوى فقاعات، لديهم هوس لفت الإنتباه، ويعانون من تضخم الأنا، وباتوا يعيشون في واقع متخيّل، غذّته العلامات الزرقاء وآلاف المتابعين، حتى امتلك بعضهم الجرأة ليصف نفسه بالأديب لأن نصوصه الهشّة تلقى مئات "اللايكات".
وفي الحقيقة هم أصحاب تأثير فعلًا، ولا داعي لتسفيه هذا الأمر، فلا يهم مدى ثقافتهم أو ذكائهم، فالشهرة والتأثير لم يرتبطا يومًا بالنباهة والذكاء، وهؤلاء "المشاهير" هم أحد الأشكال المؤثرة في وعي جماهير هذا الزمن، وهم لا يختلفون كثيرًا عن الممثلين أو المغنين، أو الرياضيين، الذين وهبهم الله شيئًا، ويتحدثون في أشياء أخرى، فهل من امتلك عضلة قدم قويّة وقاعدة جماهيرية يصلح لأن يتحدث في شؤون العامة؟ لا يصلح، لكن الواقع يقول بأن العامة يفضلون سماع المشاهير على سماع أهل الخبرة.
في السابق، امتلك البعض مَلكة أو قدرة ما، مع بعض المعرفة في تخصص ما، كمحاضر جامعي متميز، أو خطيب مفهوّه، ونجحوا في تشكيل قاعدة جماهيرية أكسبتهم الشهرة، ومنحتهم فرصة التأثير، رغم أن العشرات يتفوّقوا عليهم في مجالهم، إلا أن غياب الملكة أضعف تأثيرهم، لكن مشاهير الأمس امتلكوا شيئًا ليقدموه، ومشكلة مشاهير اليوم أنهم فارغون، لا يقدمون سوى الترفيه السخيف، ويبنون قاعدة جماهيرية جلّها من صغار السن، وستتعاظم كثيرًا في قابل الأعوام، وسيكونوا حتمًا أحد عوامل تشكيل الوعي لهذا الجيل، وإن لم نتدارك الأمر، سيكون مجتمعنا في خطر حقيقي.
محمد العيله