ما هي تكنولوجيا الواقع المعزز Augmented Reality؟
ظهرت تكنولوجيا الواقع المعزز Augmented Reality منذ وقت طويل في أفلام الخيال العلمي مثل أفلام المهمة المستحيلة أو جيمس بوند. فقد كان بطل الفيلم يرتدي نظارات تعرض له أقرب مخرج، أو تشير إلى هدفه أو تبين له أين يجب عليه أن يذهب. لم يعد هذا ضربا من الخيال العلمي بعد الآن فقد بدأت هذه التكنولوجيا بالانتشار في مختلف مناحي حياتنا. يستخدم مصطلح الواقع المعزز ليشير إلى تقنيات تهدف إلى وضع أشياء رقمية افتراضية لتمتزج بالأشياء الواقعية الموجودة في البيئة المحيطة بالمستخدم. لا يعبر ذلك عن مجرد عرض البيانات، ولكن يشير إلى دمج هذه البيانات مع البيئة المحيطة باستخدام مختلف طرق الإحساس حتى تبدو وكأنها جزء أصلي من الواقع. يشمل هذا التفاعل الحسي البصر، السمع والشم. ويمكن كذلك أن تعزز من خلال أي مؤثرات يمكن أن يدركها الجسم مثل الضغط، والبرد والألم.
أثبتت تكنولوجيا الواقع المعزز أنها مفيدة للغاية في الكثير من المجالات. تم استخدامها منذ فترة في المجال التجاري من قِبل شركات عالمية لأغراض الدعايا لعرض منتجاتهم بطريقة أكثر تشويقا. ففي عام 2017، قامت شركة Ikea بإطلاق تطبيق Wonderful Place. يتيح هذا التطبيق بسهولة تجربة وضع منتجاتهم بالمنزل ومشاهدة كيف ستبدو عند وضعها. يشمل هذا التطبيق أكثر من 2000 منتج وهي المجموعة الكاملة للشركة. يمكن تجربة وضع هذه المنتجات بأي مكان من خلال التطبيق. أحدث استخدام الواقع المعزز فارقا كبيرا في تجارة الأثاث بالعالم.
في عام 2014، استخدمت شركة L’Oreal الواقع المعزز بحملة ترويجية ضخمة لمنتجاتهم. لقد صمموا تطبيق خاص بهم تحت اسم "Genius Makeup". يمكن للمستخدم تجربة أنماط مختلفة للزينة باستخدام التطبيق. اشترت لوريال شركة Modiface لهذا الغرض وهي شركة رائدة بمنتجات التجميل. لقد أنتجت هذه الشركة تطبيقات لشركات تعمل بمجال التجميل مثل Sephora و Estée Lauder. تتيح التكنولوجيا التي طورتها Modiface للمستخدم الاختبار الفوري لتأثير منتجات العناية بالبشرة والتي تحتاج لشهور حتى يظهر تأثيرها. استخدمت شركة L’Oreal الواقع المعزز مرة أخرى بمهرجان الشركة السنوي السابع الذي تم تنظيمه عام 2017 في تورنتو، كندا. تمكن زوار هذا المهرجان من مشاهدة معرض مصور لشركة L’Oreal. كل ما كان عليهم القيام به هو توجيه هواتفهم الذكية إلى ميدان ديفيد بيكوا لمشاهدة وتصوير منتجات الشركة. اهتم المهرجان بشكل خاص بالترويج لعلامتهم التجارية الجديدة Lancôme. فقد تم تتبع الأماكن التي أشار لها الزوار بهواتفهم المحمولة وتم عرض هذه البيانات من خلال بيانات تتبع المكان GPS لينتج عنها أول شعار لشركة يتم رسمه من خلال خريطة تحرك الزوار بالمهرجان. فقد ظهرت خريطة تحرك الزوار بشكل رائع بصورة زهرة Lancôme، وهي شعار هذه العلامة التجارية.
استخدمت شركة بيبسي كذلك الواقع المعزز لتقوم بإطلاق حملة الترويج الأكثر مشاهدة على موقع اليوتيوب. لقد قاموا بتثبيت شاشات الواقع المعزز بمحطات انتظار الحافلات. يمكن للركاب التمتع بتجربة واقع معزز رائعة من خلال النظر إلى زجاج المحطة. فالشاشة المثبتة كانت تعرض صورة الأشخاص خلفها مع أسود تجري خلفهم وتبتلعهم الأرض أو تهاجمهم كائنات فضائية. استخدمت بيبسي الواقع المعزز لفائدتها حيث جعلت الناس هم من يسوقون لحملتها من خلال مشاركة تجربتهم الرائعة.
طورت شركة Timberland للملابس غرفة قياس ملابس افتراضية خاصة بهم. باستخدام كاميرا تتبع الحركة، يمكن للتطبيق التعرف على وجه المستخدم وتعرض له الملابس على جسم مقارب لجسمه مع وجه المستخدم نفسه وهو ما يوفر عناء حمل وتجربة الأشياء. طورت حاليا شركة Ray-Ban تطبيق مماثل ليسمح للمستخدمين بتجربة نظاراتهم. تستخدم تكنولوجيا الواقع المعزز بكثافة في مجال الترفيه مثل العروض التلفزيونية وألعاب الفيديو. على سبيل المثال، تقوم استديوهات الطقس بتطبيق طريقة جديدة كليا لتوصيل المعلومات. فبدلا من أن يقف المذيع أمام الشاشة التي تعرض الطقس بالخلفية، يُستخدم الآن الواقع المعزز لعرض إعصار افتراضي ثلاثي الأبعاد، أو لعرض ارتفاع الفيضان. وقد قامت محطة بعرض سيارة افتراضية في الاستوديو لتوضح كيف يفقد الناس التحكم بسياراتهم على الطرق المتجمدة.
دخلت ألعاب الفيديو مرحلة جديدة كليا مع تطبيق تقنيات الواقع المعزز. فقد طورت شركة Niantic اللعبة المعروفة Pokémon Go والتي أصبحت من أشهر الألعاب حول العالم. وقد أعلن المطورون أن اللعبة تم تحميلها أكثر من 800 مليون مرة مع 147 مليون مستخدم نشط بنهاية شهر مايو 2018. يقوم اللاعبون بإنشاء الشخصية الافتراضية لهم والتنافس لجمع كائنات البوكيمون بالبرية والتي تنتشر في البيئة الواقعية المحيطة باللاعبين. يقوم اللاعبون أثناء رحلتهم بجمع جواهر افتراضية وأشياء أخرى باستخدام تقنية تحديد المواقع GPS وكاميرا الهاتف المحمول. وقد دخلت شركات أخرى هذا المجال. فقد تعاونت ديزني مع شركة Lenovo لتطوير لعبة حروب الفضاء Star Wars بالواقع المعزز. كما ظهرت ألعاب الواقع المعزز الأخرى مثل لعبة الهوكي الهوائي و Titans of Space، وهي لعبة جماعية يقوم فيها اللاعبون بمحاربة أعداء يظهرون بالواقع المعزز.
ليست هذه هي نهاية ما يمكن أن تحققه تكنولوجيا الواقع المعزز. فحاليا يتم تطوير أول روبوت للألعاب تحت اسم MekaMon. يهدف هذا المشروع إلى تحويل خيال الأطفال إلى واقع. فالروبوت مزود بعدة قدرات وحركات للقتال ضد أعداء افتراضيين، واللعب الجماعي متاح كذلك بهذا الروبوت، يتم التحكم بالروبوت باستخدام الهواتف الذكية. هذه اللعبة تقدم جانب آخر من الواقع المعزز للمستخدمين. فاللاعبون يمكنهم تصميم حلبتهم الخاصة من خلال التحكم بالأحجام، والأماكن، وطاقتهم والضرر الذي يقع بالأعداء. يهدف المشروع إلى نقل ألعاب الفيديو الحالية إلى عالم الواقع المعزز. فعلى سبيل المثال، في لعبة البقاء بالواقع المعزز، يقوم اللاعب باستخدام الروبوت MekaMon للقتال ضد موجات متتالية من أعداء يتمتعون بذكاء اصطناعي متزايد. إن الواقع المعزز قد يلعب دورا متكاملا مع وسائل التعليم الحديث. بعض الكتب الآن تدعم الواقع المعزز من خلال وضع علامات بالكتب تستخدم لأمر الجهاز المحمول للمستخدم بعرض نموذج ثلاثي الأبعاد للمحتوى. ففي الكيمياء مثلاً، يمكن للطلبة استخدام علامات تشير لاسم بعض المركبات ليشاهدوا كيف يبدو تركيبها بشكل ثلاثي الأبعاد في الفضاء المحيط.
كما يوجد نظام Construct3D وهو نظام للواقع المعزز تم تطويره لتدريس الرياضيات والهندسة بطريقة أسهل. يتكون هذا النظام من شاشة يتم ارتداؤها على الرأس (HMD) ولوحة للتفاعل الشخصي (PIP) وهي أداة تستخدم باليدين للتفاعل مع النموذج ثلاثي الأبعاد. تجعل هذه التقنية التفاعل مع الأشياء ثلاثية الأبعاد أبسط مما يعطي المستخدم تجربة رائعة. كذلك تطور ديزني تطبيقًا للواقع المعزز يسمح للأطفال بمشاهدة شخصيات الأفلام المفضلة لهم التي يقومون بتلوينها بأنفسهم كمجسم ثلاثي الأبعاد، وما زال هذا التطبيق قيد التطوير. يبدو أنه لا ينقص الواقع المعزز في المستقبل سوى أن يكون استخدامه أسهل للمستخدم بالنظر إلى الأجهزة المستخدمة. الهدف النهائي هو جمع كافة الأجهزة المطلوبة في حجم صغير للغاية يمكن أن يكون جزءا من عدسة العين اللاصقة الشفافة المستخدمة لتصحيح البصر، قد يبدو حاليا أن جمع كافة الأجزاء مثل البطارية والكاميرا والمعالجات في مثل هذا الحجم ما زال مستحيل التحقيق ولكنه قد يبدو غير ضروري كذلك. هناك اتجاه أكثر واقعية وأقرب للتحقيق وهو جمع هذه المعدات في نظارات العين، وهو مشروع يتم بالفعل تحقيق تطور به تحت اسم Microsoft Hololens. إن مستقبل الواقع المعزز يعتمد على دمج التقنيات المتاحة في أجهزة أصغر حجما ومزودة بطرق لمعالجة البيانات بشكل أسرع وأعلى كفاءة.