إن التدريب في الأصل هو موهبة تميز بها البعض دون الآخر ، فليس كل البشر يتقنون في الاقناع وتوصيل المعلومات لبعضهم البعض ، ولكن الموهبة وحدها لا تكفي ، بل علينا صقلها ببعض المهارات التي تضفي بريق الجودة والاحترافية لنا في هذا المجال، كثير من المدربين لديهم الموهبة الحقيقية في توصيل المعلومات بشكل بسيط وميسر ، ولكن قد نقع في بعض الأخطاء المهارية التي قد تؤثر سلبا على كفاءة وجودة التدريب ، ولذا أحببت أن أتحدث معكم عن سبعة أخطاء شائعة قد يقع فيها المدرب بقصد أو غير قصد ، وكذلك كيفية تفاديها من أجل الارتقاء بعملية التعلم والتدريب في شتى أنواع المجالات المختلفة ، وتتلخص السبعة أخطاء المعنية بجودة إدارة التدريب في الآتي ؛
 1- الفشل في التجهيز والتحضير للتدريب
 يقول الفيلسوف بلاتو " العمل الذي بصورة جيدة ، قد انتهى نصفه" ويقول بينيامين فرانكلين أيضا " فشلك في التحضير ، هو بداية تحضيرك للفشل".
عدم التحضير الجيد لتدريبك هو خطأ شائع ، ليس وحدك من يقع في هذا الخطأ، بل العديد من المدربين كذلك .
إن الفشل في التحضير لبرنامجك التدريبي يبدأ معه فقدان مصداقية المتدربين تجاهك كمدرب ، ويصيب ثقة المدرب في نفسه ، إذ يصيبه بالتوتر ويترتب عليه شعور سلبي يدوم مع المدرب حتى نهاية التدريب ، لذا وجب عليك عزيزي المدرب التحضير جيدا حتى لا تصبح فريسة سهلة لبعض المتدربين الذين يجيدون تصيد الأخطاء للمدربين ، ولهذا إليك بعض النصائح التي تساعدك في تجهيز وتحضير تدريبك بشكل احترافي:
 قم بمراجعة المحتوى التدريبي وشرائح العرض PowerPoint Presentation التي سوف تستخدمها في التدريب.
 إن كنت ستوزع على مدربيك ، دليل التدريب أو ما يعرف ب Training Handout ، قم بمراجعته جيدا، وتأكد أنه يتوافق مع مادتك التدريبية ، حيث أنه في بعض الأحيان نقوم بحذف بعض المواضيع من المادة التدريبية ، ويسهوا علينا حذفها من دليل المتدرب.
ج- تأكد من جميع أدواتك من أقلام ، اللاب توب والمؤشر Pointer  "قلم الليزر" حتى لا تتفاجأ أثناء التدريب بأن بعض الأقلام لا تعمل ، أو بطارية قلم الليزر يحتاج إلى تغيير.
 د- إن كنت تنوي القيام ببعض الألعاب أو الأنشطة التعليمية ، وجب عليك تجهيز المواد والخامات اللازمة لهذه الأنشطة.
هـ - في حالة استخدام بعض الفيديوهات أثناء التدريب ، قم بتحميلها على جهازك ، ولا تقوم بتشغيلها مباشرة من خلال الانترنت ، حتى لا تتفاجأ بوجود عطل في الشبكة أو انقطاع الانترنت أثناء العرض.
 2- عدم معرفة الجمهور مسبقا
 أول قاعدة تعلمتها أثناء دراستي لإدارة التدريب في المملكة المتحدة والتي أخذت من وقتنا يوما كاملا لدراسة هذه القاعدة فقط  – هي Know your audience   أو " أعرف جمهورك أو متدربيك".
وتعد هذه القاعدة من أساسيات التحضير للتدريب أيضا ، فلو عرفنا مسبقا بنوعية المتدربين من حيث " الفئة العمرية – النوع – الوظيفة – الخلفية الثقافية والدينية أيضا ...إلخ" فسوف يساعدك هذا على الاستعداد الجيد من حيث الأمثلة والأنشطة والنظريات التي ستسخدمها أثناء تدريبك.
ولعلك تتساءل حاليا ، لماذا ذكرت الخلفية الدينية في المتطلبات السابق ذكرها؟! 
بكل بساطة أجيبك ، بأن بعض المدربين قد يستعينوا بأمثلة وآيات دينية كثيرة أثناء التدريب ، ولا يراعي التنوع الديني للمتدربين ، والذي قد يُشعر بعض المتدربين بالحرج ، بالإضافة إلى أنه قد تكون هذه الأمثلة لها تأثير فعال على البعض ممن ينتمون إلى هذه الديانة ، ويكون غير مؤثر بالمرة على البعض الآخر.
 معرفة ديانة متدربيك ، يعطيك الوقت الكافي من الاستعداد الجيد للتحضير والاستعانة بالأمثلة الدينية للجميع ، من شتى أنواع طوائفهم ، ولا يُشعر المتدربين بأنك تنحاز إلى طائفة دون الأخرى ، أو حتى على الأقل يعطيك الوقت الكافي لتحضير أمثلة علمية دون التأثر بدين معين عن الآخر ، وبالتالي سوف تزيد نسبة الثقة والمصداقية بك كمدرب تجاه متدربيك.
 3- الوصول إلى قاعة التدريب متأخرا (بعد وصول المتدربين)
 من الأخطاء الجثيمة التي يقع فيها بعض المدربين ، وصولهم متأخرا بعد حضور المتدربين ، معتقدين بأن المتدربين هم من وجب عليهم انتظار المدرب، ولكن عذرا أيها المدرب ، قد تكون على خطأ.
هؤلاء الجمهور من صنعوا منك مدربا ، وهم أيضا القادرين على أن يكتبوا لتدريبك النجاح من عدمه ، وهناك فوائد عديدة لحضورك مبكرا لك ولجمهورك أيضا منها :
 وصولك مبكرا يعطيك الوقت الكافي لاختبار معداتك وأدواتك التي سوف تستخدمها في التدريب.
  • وصولك مبكرا ، يساعدك بأن تألف قاعة التدريب ويقلل من توترك وتزيد من ثقتك بنفسك ، ويساعدك أيضا على وضع السيناريوهات المختلفة في مكان وقوفك وحركتك أثناء تدريبك.
ج- إذا كان عدد المتدربين أقل من 25 متدرب ، يفضل أن ترحب بهم قبل بدء التدريب ، وإجراء بعض المحادثات الخفيفة ، وفي ذلك فائدة لكل من المتدرب وأنت أيضا ، فهذا ما نسميه بكسر الجليد أو كسر الحواجز بينك وبينهم ، ويخف من حدة التوتر أثناء الدقائق الأولى من التدريب.
د- ربما تنسى شيئ ما من أدوات أو متطلبات لبعض الأنشطة التي قد خططت لها مسبقا، وصولك المبكر ، يعطيك الوقت لتجهيزه أو على الأقل لتحضير البدائل.
4- عدم تمييز نوع التدريب
 في الكثير من الأحيان نخلط بين التدريب العادي أو ما يعرف ب Training Session  وبين ورش العمل أو ما نسميه ب Training Workshop ، فلكل منهما بعض الإعدادات المميزة له.
فالتدريب العادي يتطلب شرحا نظريا أكثر منه عملي ، وكذلك بعض المناقشات الخفيفة بينك وبين متدربيك ، ولكن ورش العمل الدور الأكبر هنا للمتدربين ، وينتقل دورك هنا من مدرب إلى ميَّسر ، فالأنشطة هنا تعتمد على فرق العمل والعصف الذهني والأنشطة الجماعية أكثر منها فرديا ، لذا:
 إذا كنت تدير جلسة تدريبية عادية ، فالنمط الأفضل لشكل قاعة التدريب هو المربع ثلاثي الأضلاع أو ما يعرف بال U-shape أما في ورشة العمل فمن الأفضل مجموعات مستقلة ، أو ما يعرف بال Round-tables style .
في حال إدارتك لورشة عمل ، يجب أن لا يتعدى عدد الحضور عن 25 متدربا ، تقسمهم إلى مجموعات خماسية أو أكثر بقليل ، حتى يتسنى لك إدارة الورشة بصورة ميسرة ، وأن تعطي القدر الكافي من الوقت للمتدربين لاستعراض آرائهم وأفكارهم بشكل جيد.
 5- البداية الصارمة للتدريب
 تذكر دائما عزيزي المدرب ، بأنك لست مدرسا في فصل دراسي ، ولست أيضا محاضرا لطلبة في جامعة ما ، البداية الصارمة لكل من المدرس أو المحاضر الجامعي ، ربما يكون لها أثرها الإيجابي في إدارة الحصة أو المحاضرة ، لنظرا للكم الكبير من الحضور ، وأيضا للفئة العمرية لهم.
 البداية الصارمة لن تجدي نفعا معنا كمدربين ، لا أقول لك بأن تترك الحبل على الغارب كما يقول المثل ، ولكن وجب عليك الأخذ بعين الاعتبار ، بأننا ندرب مجموعة من الراشديين Adults  ، والذين أتوا إلى التدريب طواعية وليس كراهية ، ولذا وجب عليك بدء التدريب بما يعرف بكسر الجليد أو الحواجز بينك وبين متدربيك ، وتساعدهم على تقليل رهبة وجدوهم بجوار آخرين لا يعرفوهم وأيضا لتقليل رهبة الوضع وقاعة التدريب ، وكل هذا ، يساعدك ويساعدهم على التهيئة النفسية والذهنية لتلقّي المادة التدريبية منك بشكل أفضل.
 6- المدرب هو المصدر الوحيد للمعلومات
 لا تنس عزيزي المدرب، أن للمتدربين أيضا مهارات وخبرات حياتية ووظيفية أيضا ، والبعض منهم لديه الكم الكافي من المعلومات والمعرفة ، ربما لا تكون في موضوع التدريب الحالي ، ولكن لديه ما يكفي لربط المهارات والمعرفة بعضها البعض.
 كوننا مدربين ، لا يعني بأننا أصحاب المعرفة الوحيدين في قاعة التدريب، بل لأننا مدربين ، فلقد وهبنا الله الموهبة والمهارة في اسهاب المعلومات وتيسيرها ومساعدة المتدربين في وضعها داخل مرحلة الفعل أو تنفيذها في أرض الواقع.
 تأكد تماما بأنك بعد كل برنامج تدريبي ، سوف تستفاد وتتعلم شيئا جديدا وخبرة أفضل ، شأنك شأن المتدربين نفسهم ، إليك بعض النصائح بخصوص هذا الموضوع:
  • إعط بعضا من الحرية للمتدربين بأن يعبروا عن وجهة نظرهم في الموضوع ، فربما يأتون بجديد كنت تجهله.
  • ضع دائما في ذهنك مقولة الإمام الشافعي " رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
ج- إذا سألك أحد المتدربين على شيء ما ، وليس عندك دراية كافية بالإجابة ، فلا تفتي في إجابتك ، وإنه ليس بالعيب أن تقول لا أعرف عن أن تعطي إجابة قد تكون خاطئة. الرد الأمثل هنا ، أن تعتذر للسائل بأنك غير متأكد من الإجابة ، وأن تعده بالبحث عنها وإجابته في وقت لاحق ، ولكن كن حريصا بأنك بالفعل سوفه تجيبه لاحقا ، حتى لا تفقد مصداقيتك.
 7- عدم إدارة وقت التدريب بشكل احترافي
 من الأخطاء الشائعة التي يقع فيها المدربين ، هو عدم إدارة الوقت أثناء التدريب  من اسهاب زائد للمعلومات وتخطي الوقت المفترض أن ينتهي فيه التدريب أو الجلسة التدريبية مثلا، وإذا وقعت في هذا الفخ عزيزي المدرب ، فالعواقب ستكون وخيمة ، ابتداء من شعور المتدربين بالملل وعدم تركيزهم معك ، بالإضافة إلى ضعف الثقة بك كمدرب، فالمتدربين دائما ما يتخذون من مدربهم قدوة ومثالا يُحتذى به ، ولكن ما بالك في مدرب يعلمهم كيفية إدارة الوقت بشكل عام ولا يجيد هو إدارة وقت تدريبه ! ، ومن هنا سوف ينطبق عليك المثل القائل " فاقد الشيء لا يعطيه". ولذا إليك بعض النصائح لتنجب الوقوع عي هذا الفخ:
 اسعْ دائما بأن تنهي تدريبك في الوقت المحدد له ، وإذا وجدت أحد المتدربين يود الحصول على معلومات أخرى قد تُنهي بك المطاف إلى اختراق وقت التدريب إذا جاوبته عنها، اعتذر له وأخبره بأنك سوف تجاوبه بعد الإنتهاء من التدريب واخبر باقي المتدربين بأنه غير إلزامي لهم الانتظار معه ، من شاء فلينتظر ومن يود الرحيل فلا لوم عليه.
إذا كانت مدة التدريب حوالي 3 ساعات ، فعليك التوقف وإعطاء المتدربين على الأقل 10 دقائق استراحة وذلك بعد الساعة والنصف الأولى من بدء التدريب ، وهذا ما نطلق عليه Nicotine Break أو استراحة للتدخين ، حيث إن المدخنين يبدأون في التوتر بعد ساعة ونصف إلى ساعتين من آخر مرة دخنوا فيها.
ج- إذا كانت مدة التدريب 4 ساعات فأكثر ، فاحرص على إعطاء المتدربين استراحة كل ساعتين لا تتجاوز مدتها 15 دقيقة لشرب القهوة مثلا أو غيره.
 وأخيرا ، أتمنى من الله عز وجل ، أن أكون وُفقت ، في إسداء بعض النصائح التي قد تفيدك في حسن إدارة برنامجك التدريبي ، مما يترتب عليه الارتقاء بجودة التدريب في وطننا العربي ، وان استفدت شيئا من هذا المقال ، فبلغه لغيرك ، فخيركم من تعلم العلم وعلَّمَه.
سامح فرغلي